هل تعرفون (مصطفى) ؟ كثير منكم سيجيب بالتأكيد.. ولكن لمن لا يعرفه نقول له إن مصطفى عبارة عن شخصية خيالية وجدت منذ سنين بدواخلنا، وترجمت إلى واقع السخرية مؤخراً، وهي تعبر عن الطالب المجتهد الذي لا يحبذ الغياب عن المدرسة! وسبب شهرته هي الإجازات الكثيرة التي صاحبت أحوال الطقس وكذلك الرسمية منها.. سأحدثكم عن "مصطفى" آخر، حاول المدرسون غرسه بنا رغماً عنا، لم يبالوا بالواقع واتخذوا من مدارج أحلامهم مقراً لإطلاق طائرات التفاؤل المكذوب، جاهدوا كثيراً محاولين إنبات آلاف "المصطفيات"! حرضونا على الاجتهاد، ورسموا جمال المستقبل بمساطرهم الخاصة.. لكنهم لم يصدقوا! حسناً سأوضح لكم، بل سأدينهم أولاً.. فهم الذين جمّلوا لنا مهنة الطب، وأغرونا بهذا التخصص، لكنهم لم يخبرونا بأن أطباء البلد يتم استقدامهم من الخارج! وهم أيضاً الذين أوهمونا بأن البلد يبنيه المهندسون، ووحدهم من يعيد تشكيل جمال المدن.. لكنهم أغفلوا إيضاح حقيقة أنهم غير مرغوب بهم في وطنهم، وأن أسعارهم لا تساوي شيئاً مقارنة بما يصنعون! هم ذاتهم المعلمون، لم يخبرونا بأن الطيران يقوده (أيضاً) غيرنا.. والتعليم لا يقبل بنا! وأن جميع الفرص المهنية التي صنعوا لم تكن سوى خرابيش طفولية نثرت على أوراق غابت في مطاحن الزمن.. ليتهم صدقوا معنا، ليتهم قالوا إن المستقبل مختلف عن عالمهم المثالي.. ليتهم أخبرونا عن مستقبل اللاعب الكروي، والفنان الموسيقي، والممثل.. لنكون أطباء في الكرة، ومهندسين في الموسيقى وطيارين بين أزقة الكوميديا..! لذا، لا تستجيبوا لهم مجدداً، ولا تستمعوا لمثالياتهم. وأنتم أيها المعلمون، لا تفسدوا جمال المستقبل بألاعيبكم.. كونوا صادقين، اقتلوا "مصطفى" الذي اعتدتم الترويج لبضاعاته المستقبلية.. وتوقفوا عن المتاجرة بأحلام الصبية!..والسلام.