بعد أن أثمرت فكرة إقامة العديد من أسابيع التوعية كأسبوع المرور والشجرة والنظافة الخ .. في الكثير من الجوانب الايجابية وعلى نفس النسق طرأت لي فكرة تنظيم أسبوع خاص بالضمير الحي لإيقاظه من سباته العميق وانتشاله من عثراته ونزواته بعدما ران عليه ما ران من تشبث كبير بحب الدنيا والانغماس في ملذاتها ومغرياتها والركض وراء جمع المال الملوث بالجشع والطمع وبكل وسيلة وتغليب المصالح الخاصة على العامة ولذلك ليس بغريب ولا بدعة أن نكرس أسبوعا لإنعاش هذه الصفة الإنسانية السامية التي يجب أن تعيش مع الإنسان في كل حركاته وسكناته وتعود به إلى المسار الصحيح والفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها بما فيها من خير وفضيلة وصلاح وفلاح وتعيد للحياة رونقها وجمالها الحقيقي . وهذا لا يعني أننا مبرأون من الخطاء أو الوقوع فيه فليس بغريب أن يخطئ الإنسان وإنما الغريب الذي لايتفق مع قاموس الضمير الحي هو الإصرار على الخطاء والمجاهرة به فيما كفل المولى عز وجل التوبة والرجوع إلى الحق للجميع فخير الخطاءين التوابون والتوبة النصوح تجب ما قبلها ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم ) . و تنظيم مثل هذا الأسبوع لن تكون مسؤولية جهة واحدة بحد ذاتها وإنما كافة الجهات والقطاعات العامة والخاصة والمجتمع بأسره لان المسألة هنا لا تتعلق بفرد أو بشريحة دون غيرها بل بمصير وطن ومواطنين ومستقبل أجيال وأجيال بعدما استشرت الكثير من الآفات والظواهر التي تنخر في كينونة المجتمع وتهدد مستقبله من تدهور للأخلاق وانتشار الجرائم والسلوكيات الشاذة وغير المنضبطة والتي لا تعبأ بالقواعد والتعليمات ومن خلال ما ترصده وسائل الإعلام في كل يوم من حوادث السير وتهور أصحاب السيارات واللامبالاة وعدم الالتزام بالنظافة والمحافظة عليها في الشارع والمرافق العامة ومن احتكار للسلع ومبالغة في الأسعار وقضايا البطالة والعمالة والعنف الأسري وإيذاء الآخرين وضياع الحقوق والفساد الإداري وغيرها. إن الهدف الحقيقي والمجدي لإقامة مثل هذا الأسبوع ليس رفع الشعارات والعبارات الرنانة وكثرة المواعظ والمحاضرات وإنما الحرص على التطبيق العملي وتعرية الأسباب الكامنة وراء هذه السلوكيات وتحديدها بدقة ليسهل العلاج وإيجاد الحلول الناجعة لها وان تحرص المؤسسات التعليمية إلى غرس قيمة الضمير الحي في نفوس الناشئة وتنمية الجوانب الاجتماعية والأخلاقية والسلوك الحميد في شخصية الطالب وتحويلها إلى ممارسات واقعية وتنمية المسؤولية والتقييم الذاتي للنفس حتى يكون الجميع عيناً واعية لكل ما يعزز هذه القيم ويداً قاسية على من يحاول الهدم والتخريب وبث السلوكيات المنحرفة ولاشك أن الإصلاح ليس كالهدم فالإصلاح يحتاج إلى وقت طويل ولكن أن نبدأ بخطوة تعقبها خطوات خير من أن لا نبدأ. فكم نحن اليوم بحاجة إلى إنعاش الضمير الحي النقي الذي يسكن بدواخلنا والذي يهتف بنا دوماً لمراجعة النفس والوقوف معها بصدق وأمانه لرصد خباياها وهفواتها وما اقترفته من أخطاء في حق نفسها والمجتمع فقانون الضمير الصدق وعقوبته الندم وهو الفيصل بين الخير والشر والفضيلة والرذيلة ..عاشت ضمائرنا عامرة دوماً بالخير والمحبة .. وهذا علمي والسلام.