منال بنت مسعود الشريف - الحياة اللندينة هذا الشهر تصدرت السعوديات قائمة «أرابيان بيزنس» لأقوى 100 امرأة عربية، إذ حصلت 15 سعودية على اللقب، وهن بالترتيب، كما ورد في القائمة: «لبنى العليان، لما السليمان، ثريا أحمد عبيد، دكتورة ناهد طاهر، منى أبوسليمان، رجاء الصانع، هبة جمال، وجيهة الحويدر، دكتورة بسمة بنت مصلح العمير، منى المنجد، نشوى طاهر، كاتبة هذه السطور، هند المنصور، سهى أبو الفرج، وأخيراً سمرة القويز»، كما نشرت مجلة «نيوزويك» في عددها الصادر بتاريخ «12 آذار (مارس) الجاري» قائمة بأسماء 150 امرأة (لا تُقهر)، جاء من ضمنها سعوديتان. وقبلها ظهرت قائمة مجلة «فورين بوليسي» بأهم 130 شخصية، شكلت الحوار العالمي في عام 2011، جاء من السعودية امرأتان فقط، وتشرفت أن أكون إحداهن مناصفة مع المدونة السعودية الدكتورة إيمان النفجان. سمعنا خبر انتخاب السعودية منى خزندار لمنصب مديرة معهد العالم العربي بباريس كأول امرأة تتبوأ هذا المنصب، ثم فوزها بالمركز الأول لجائزة منتدى المرأة العربية، وخبر نيل الدكتورة ثريا عبيد لأرقى أوسمة اليابان «وشاح الشمس المشرقة»، ورجاء العالم أول روائية عربية تفوز بجائزة البوكر العالمية، وأخيراً خبر فوز الناشطة الحقوقية سمر بدوي بجائزة كونها واحدة من أشجع عشر نساء في العالم، بعد تصديها لظلم والدها ومكوثها بعيداً من طفلها سبعة أشهر في السجن بلا جريمة غير اتهام والدها لها بالعقوق. أيضاً هذا الشهر أعلن معهد جائزة الشرق الأوسط عن 16 جائزة تقدم للقياديات والمؤسسات التي لعبت دوراً مميزاً في تطوير الدور القيادي للمرأة في مسيرة التنمية، ذهب منها سبع جوائز لنساء سعوديات، وهن الأميرة أميرة الطويل، كونها مثالاً للممارسات القيادية النموذجية للمرأة في منطقة الشرق الأوسط، والدكتورة مروة بكري من جامعة جازان للتميز في الطب، وفوزية الهاني الناشطة في حقوق المرأة، ونادية بخرجي أول مهندسة معمارية سعودية، والدكتورة الأديبة ثريا العريض، وهي أول سيدة خليجية تحصل على شهادة الدكتوراه، ونعيمة الزامل في مجال العمل الاجتماعي، والمخرجة هيفاء المنصور للتميز في الإخراج السينمائي. الأميرة أميرة الطويل، الشخصية النسائية لعام 2011، أهدت تكريمها «لكل امرأة لا تحظى بالتقدير المستحق، ولا يسلط الإعلام الضوء على عملها وإنجازاتها»، كانت هذه الجملة ملهمة هذا المقال. إن علم النفس التحليلي يشير إلى أن التقدير ما هو إلا أحد أسمى الحاجات الفطرية التي يبحث عنها الإنسان، إذ يقسم هرم «ماسلو» حاجات الإنسان بشكل تدريجي إلى خمس مجموعات، يجب إشباع كل مجموعة لحد معين قبل أن ينتقل الشخص للمجموعة التي تعلوها في هرم الحاجات لكي نبني فرداً سوياً ومتكيفاً مع من حوله. وهي من أسفل الهرم إلى أعلاه «الحاجة الفسيولوجية، الحاجة إلى الأمن، الحاجة الاجتماعية، الحاجة إلى التقدير، وفي أعلى الهرم الحاجة إلى تأكيد الذات». كلما ارتقينا في الهرم لإشباع الحاجات العليا «التقدير وتأكيد الذات»، بعد إشباع الحاجات الأساسية، أعطينا الفرد الثقة والإحساس بأهميته لبذل المزيد، إضافة إلى أن ذلك يوفر له المناخ للنجاح والتفوق والابتكار والإبداع. مع الأسف، إذا لم يتم إشباع هذه الحاجات فقد يتوقف العطاء، أو يبحث هؤلاء الأشخاص عن طرق بديلة لإشباع هذه الحاجات، أحدها الهجرة إلى مكان يقدرهم. المرأة السعودية التي تتصدر أخبار إنجازاتها الحقوقية والعلمية والأدبية والقيادية قائمة الجوائز والتكريم في العالمين العربي والدولي، غابت أخبار تكريمها داخلياً، هي المرأة نفسها التي تتجاوز كل العقبات التي توضع في طريقها وتعبر للنجاح، وهي من تتصدى للتهميش والانتقاص من قدراتها من فئات معينة فقط لأنها ولدت أنثى. الوطن يعج بالمبدعات والمفكرات والمثقفات والقياديات اللائي يعملن بلا كلل ولا ملل، مخجل حقاً ألا يتم تسليط الضوء عليهن إلا بعد تكريمهن عالمياً، ولا نسمع أخبار إنجازاتهن إلا من الخارج!