بعد انتظار وحملات إعلامية وإعلانية كبيرة شاهدت برنامج "الثامنة مع داود" على قناة ال MBC، ويبدو لي أن أجواء الرياض المتوشحة بالغبار وقت بث الحلقة كان لها تأثير كبير في رتمها، من برنامج "الثانية مع داود" إلى الثامنة اعتبره أحد الزملاء في عنوان صحفي ترقية يستحقها داود، رغم الفارق في الدرجات التي حصل عليها داود بعد أن تحول من الثانية إلى الثامنة تلفزيونياً، إلا أنني شخصياً اعتبر أن الثانية الإذاعي كان أقوى بكل ما تعنيه الكلمة!. في الحلقة الأولى من الثامنة شاهدت حلقة عامة عن موضوع الاستثمار الأجنبي، الجانب الرسمي وهيبة الكاميرا التلفزيونية كانت حاضرة وبشكل لافت، لم يشدني داود الشريان كعادته حتى ولو حاول لرتم الضيوف الهادي والرسمية الزائدة، الحديث بعمومية عن امر حيوي واستراتيجي افقد البرنامج القوة المتوقعة ان يكتسبها، شخصيا لم اجد جديدا اقوى من طرح داود الاذاعي، حتى كانت التغريدات التويترية حاضرة وبجرأة بدلا من صوت المتصل الغلبان. الكل تحدث عن هيئة الاستثمار والكل تحدث عن الاستثمار الاجنبي وسلبيته الواضحة والمحسوسة على الوطن والتوطين، ولكن حلقتين مع داود عبر الاذاعة استمعت لهما في وقت سابق تعادل وبكل مصداقية ووضوح وشفافية ما كتب عن هذا الموضوع من غزوه لنا، لذلك عندما شاهدت برنامج الثامنة انصدمت بهذا الامر، خصوصا ان الكتابة عن قامة اعلامية مثل الشريان تتجاوز بنقدها طريقة الاداء الحضور واجواء الاستديو وخلافها من اساليب النقد المعتادة، فانت تتعامل نقديا مع فكر ومضمون، وهذا الامر جعلني في احدى مقالاتي ان اقول بعد برنامج داود الاذاعي ان من اتى بعده يريد تقليد داود وخصوصا من يحاولون اللعب على نسق السعودة والوظائف والفقر والخدمات!. في احدى حلقات داود عن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف كانت تلك الحلقة من وجهة نظري اقوى واجرأ الحلقات التي تناولت احتكار احدى الشركات لقطاع المقاولات بالمملكة، كان داود عالياً جدا في احساسه وسيطرته الاعلامية الاحترافية على الحلقة وكذلك الحلقة التي تناغم فيها باحترافية مع ضيفه الاقتصادي عبدالحميد العمري وتناولوا موضوع الاستثمار الاجنبي بالمملكة بلغة الارقام وبلغة الاعلام المحترف، وهنا العكس تماما في الثامنة تلفزيونيا، فحتى لو اعترض البعض عن اختلاف لغة الطرح ما بين المذياع الموجه خصوصا للسعودية والتلفزيون الشامل بمشاهديه إلا ان ردي ان تناول موضوع نجح فيه داود اذاعيا بدرجة امتياز لا يعني اسقاطه وتحويل درجة الامتياز الى مقبول، وتصبح بذلك عناوين زميلنا الخاصة بترقية داود من الثانية الى الثامنة عكسية. بالفعل كنت في حيرة ما بين نبرات الشريان عبر الاذاعة وما بين ادارته للحوار في الاستديو مع ضيوفه الذين من وجهة نظري كانت آراؤهم دبلوماسية نوعا ما ونخبوية في احيان كثيرة، وهذا النسق اذا لم يتغير في برنامج الثامنة فإننا باللغة الاعلامية المتابعة جدا لنوعية هذه البرامج ان الحلقة الاولى لم تكن بمستوى الانتظار مطلقا، وهذا الرأي بطبيعة الحال لا اتوقع ان البعض يأتي ويقول إن البرنامج في حلقته الاولى، لانني ببساطة لا اتحدث عن مسلسل وانما برنامج يديره مخضرم اعلامي هو داود الشريان!.