تطرح قضية حمزة كاشغري تساؤلا مهما في سياق النظر للأفكار التي يمكن أن تكون مضللة وهو هل يمكن اختطاف وعي الإنسان؟ وللإجابة على ذلك فإنني لا أشك أن هذا الشاب قد انساق وراء رغبات ذاتية جعلت حب الظهور والشهرة تسيطر على تفكيره حتى انتهى به الأمر إلى مثل هذه الإساءة التي طفح بها في الشبكة العنكبوتية، فهو مسلم بالفطرة وفي مجتمع لا يقبل مطلقا مثل هذا الطرح الذي يتناقض مع العقيدة والقيم، ولذلك أطرح ذلك التساؤل لأن الإجابة عليه تفسر حالة الشاب وربما كثيرون غيره يميلون بفكرهم وآرائهم ميلا متطرفا وجريئا إلى حد الإساءة. هرب كاشغري خارج البلاد، وتمت إعادته لمحاسبته على إساءته التي تصل به في القواعد الشرعية إلى حد الكفر، فإساءته تحتمل إنكار معلوم من الدين بالضرورة، وتفكيك قدسية رسولنا الكريم «عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم» سلوك قبيح ومستهجن ويؤذي النفس، ونحمد الله على أن كاشغري صدق مؤخرا أمام المحكمة في الرياض وبشكل شرعي, إعلان توبته والرجوع إلى الله, وندمه على فعله وما صرح به خلال الفترة الماضية، فذلك خير له وعبرة لغيره ممن يتعرضون لضغط فكري سلبي يقودهم إلى مثل هذه الجرأة غير المحمودة وتؤدي بهم إلى المهالك. لا يعنيني كثيرا ما هو مصير كاشغري أمام القضاء فهذه القضية تنظر أمام المحاكم وهم اعلم مني عن ذلك، ولكن السؤال الذي يحيرني هو هل يقبل المجتمع توبة كاشغري؟ وأرجو أن تتسع الصدور لإعادة الشباب إلى رشدهم، فالله وحده يحاسبهم وهو من يعلم السر والنجوى. لا شك أن المجتمع يكره فعل كاشغري، وكثيرون قد لا يستسيغون إعلان التوبة لما يرونه هروبا من العقاب، ولكن لنا بالظاهر وفي السيرة هناك كثيرون تمت استتابتهم عن فعل محرم ومضوا إلى حال سبيلهم، ولكن تبقى المسألة متعلقة بما طرحته سابقا من اختطاف الوعي، فهؤلاء الشباب ينشأون على قواعد الدين وأحكامه، وفي مرحلة ما تختطف عقولهم لأصحاب الأفكار الضالة والمضللة. كاشغري ضحية اختطاف وعي، مثله كأولئك الذين يغرر بهم ويحملونهم ما يفوق قدراتهم فيصبحون مثل القنابل الفكرية التي تأتي بجرائم وأفعال وآراء متطرفة لا يسندها منطق شرعي أو اجتماعي، فوجدوا في شبكات التواصل الاجتماعية مساحات يتحررون فيها من كل الضوابط الأخلاقية والدينية والاجتماعية، وتواصلهم في هذه المنتديات مع آخرين قذفوا في عقله ما يجعله جريئا على الدين، فيما هم حذرون ولا يجرؤون على إتيان ما قام به، والحقيقة أننا نعاني من أزمة فكر واستيعاب للآخر فناك من وصل به التفكير إلى الإلحاد وهناك من وصل به التطرف إلى الإرهاب وجميعهم ضحايا لمن غرر بهم واستغل صغر سنهم. ولهذا هم يستخدمون كاشغري وغيره ويجعلونهم يعملون ما لا يستطيعون عمله، قولا أو فعلا، لا يعنيني كثيرا ما هو مصير كاشغري أمام القضاء فهذه القضية تنظر أمام المحاكم وهم اعلم مني عن ذلك، ولكن السؤال الذي يحيرني هو هل يقبل المجتمع توبة كاشغري؟ وأرجو أن تتسع الصدور لإعادة الشباب إلى رشدهم، فالله وحده يحاسبهم وهو من يعلم السر والنجوى.