يواجه الممثل العربي عادل إمام السجن بتهمة ازدراء الدين الإسلامي في مجموعة من أعماله الفنية وهي «مرجان أحمد مرجان» و «الزعيم» و «الإرهابي» وقد صدر مؤخرا حكم غيابي بحقه بالسجن ثلاثة أشهر. وهذا الحكم سيكون فاصلة تاريخية في الحياة الفنية والإبداعية بدولة مصر. خاصة وأن الأفلام أو المسرحيات التي حكم فيها على الفنان عادل إمام هي أعمال فنية متواجدة من سنوات طويلة ولم تثر حساسية المجتمع أو النظام القائم آنذاك، وصدور حكم قضائي في هذه الفترة الزمنية بهذه الكيفية يدلل دلالة واضحة على الوجه القادم إلى السلطة ومواقفه من الفن في العموم. وقبل الحديث عن تلك الفاصلة يجب التنويه إلى أن رفع القضية ضد الفنان عادل إمام جاء بعد سقوط نظام حسني مبارك في الوقت الذي لايزال المتهمون من النظام يخضعون لمحاكمة مارثونية لم تنته بينما القضايا الفنية والإبداعية يتم التعجيل بالحكم فيها وهو قول يلمز به أن هناك قضايا (تفرمل) وقضايا (يسرع بها). وصدور حكم ضد الفنان عادل إمام يثير حساسية لما سوف يكون عليه النظام القادم من مواقف عدائية للفن والفنانين وهي فاتحة سياسية ستدخل دولة مصر في دوامة من القضايا المشابهة حيث ستطال الكتاب والصحفيين وهو الأمر الذي سيجعل الصحف المصرية لا تهدأ خشية أن تمس حريتها مما يجعلها في موقع المهاجم الذي سيجد النظام الجديد في ذلك الهجوم اعتداء على طريقة حكمه مما يدفعه إلى خنق الصحافة من خلال القضاء أو من خلال سن دساتير تجرم الفن وتكبل الصحافة كاستعادة للنهج الذي سلك من قبل في أيام جمال والسادات وحسني، وهو الأمر الذي لن يستساغ وسيجلب وجع الرأس الذي لن يهدأ بالمسكنات. وأعتقد أن حرية الرأي هي القضية التي ستتفجر في مصر وسوف تستمر في تفاعلاتها التي لا تنتهي مما يعيد سياسة فتح أبواب السجون. أي ان المسجون في العهود السابقة سيتحول إلى سجان لتعاد التجربة السياسية إلى المربع الأول: رأي ورفض وملاحقات وسجن وهي اللعبة الممجوجة التي تحدث في العالم الثالث وتبقى أوضاع البلد في حالة تدهور مستمر لا ينتهي بثورة أو بسجن. وإن كانت قضية عادل إمام تظهر للوهلة الأولى فنية إلا أنها تحمل مجسما مصغرا لما سوف تكون عليه الحياة السياسية من مواقف عدائية للفن والفنانين والإبداع ولكل منجزات مصر في مجالات الفنون والرأي الحر. وسوف تتحول الحياة إلى دفاع مستميت من أجل إبقاء الأوضاع على ما هي عليه على أقل تقدير ولن يرضى كتاب مصر بالتقهقر إلى الخلف مما يعني المواجهة المباشرة. وقضية حرية الرأي العام ومواصلة الفنانين لأداء أدوارهم الثقافية والاجتماعية معلقة في رقبة الإخوان والسلفيين المصريين كون الحزبين أو التيارين هما من يحتلان الواجهة الآن، وأن يتهما بمواقفهما العدائية للفن والإبداع بمختلف حقوله سيجعل لعبة المسجون والسجان تعاد كتصوير سابق لم يحسن الممثلون أداء الدور مما يجعل مخرج اللعبة يصيح (كلاكت ثاني مرة).