قال الشاعر اللبناني بشارة عبدالله الخوري (الأخطل الصغير 1885-1968م) مُخاطبا المتنبي: - طلبتَ بالشعر دون الشعر مرتبةً، فشاء ربك ألا تدرك الطلبا. إذا لأثكلتََ أُمّ الشعر واحدها - وعُطّل الوكر لا شدوا ولا زغبا. قد يؤثر الدهرُ إنساناً فيحرمه - من يمنع الشيء أحياناً فقد وهبا. لو نقتفي عمليات ثراء الصحفيين لوجدنا أنهم في الشرق والغرب. غير أنهم في الغرب جمعوا ثروتهم من الصحافة ذاتها. ووجدنا أن الشرق ضم رجال صحافة تفقهوا وبرعوا وأعطوا في ميدان الحرف والكلمة، ووجهوا الصف والإخراج والتصوير وقيّموا الطرح واختاروا الخبر ومكانه وصفوا مالًا وجهداً على الحضور في كل ناد، سواء بشخصياتهم أو حسن اختيار من ينوب عنهم. بمعنى عام أنهم صحفيون بمهنية عالية. لكن - وانتبهوا من لكن هذه، الصحفي الغربي جاك جونز (وهذا اسم وهمي) ظل يكسب ويأكل من الحبر والورق والكاريكاتير والمقال فقط (أي من مهنة الصحافة)، لكن الصحفي العربي (أبو فلان) حين برع في ميدانه الصحفي اشتعلت في ذهنه منزلة أخرى (مالية). فنجده حرص على إجراء ألمع المقابلات وأسخنها، وربما أكثرها إثارة. وعندما اكتسب تلك المكانة والحظوة، وصار بإمكانه الدخول على هذا، ومعرفة سكرتير ذاك، ومدير ومديرة أعمال تلك. استغل وجههُ وليست قدرته في أعمال أخرى كثيرة ومتعددة قد يكون الإثراء أحدها. هنا ارتخت أو ترهلت عضلات كان يستغلها في إنجازاته الصحفية وطوّر (بالتدريب والعلاج الطبيعي) عضلات أخرى همها الكسب عبر مختلف الطرق - هذا هو الصحفي العربي أبو فلان وهو اسم وهمي أيضا. نعلم أن لا حدود لطموح الإنسان، فحب التملك طبيعة، والرغبة في الوصول إلى نهاية المتعة أو الاقتراب منها أمر لا غبار عليه، إلاّ أن نقابات الغرب التي تستكثر، إن لم أقل تنكر على ممتهني الحرف الدخول إلى ميادين الاستثمار الترفيهي وعضويات الغرف التجارية، لأن عضو النقابة يجب عليه الوصول بمهنته أولا إلى القمة.