ثلاث سنوات تفصل بين التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية والتقرير الرابع الذي صدر حديثاً. كانت مؤسسة الفكر العربي قد قطعت على نفسها العهد في شهر أكتوبر 2007م بإصدار تلك التقارير (سنوياً) تفعيلاً لأهداف المؤسسة وإيماناً منها بأن الثقافة قاطرة كل تنمية والمعين الذي لا ينضب لكل إبداع إنساني حسب قول خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي، وقد أرادت هذه المؤسسة أن تشخص واقع التنمية الثقافية في الوطن العربي فرصدت أبرز المقومات في التعليم وحركة التأليف والفكر والحصاد الثقافي السنوي، والمحطة الجديرة بالتوقف عندها في ظني هو موضوع الشباب بصفته السمة الغالبة لمعظم ملفات تقرير هذا العام، فقد كان الشباب في قلب المشهد في أكثر من بلد عربي، والتعرف على الكيفية التي شارك فيها الشباب بقضاياهم واهتماماتهم وهمومهم في الملفات التي يعالجها التقرير، كما شمل التقرير التعليم الجامعي وسوق العمل مظهراً الخلل الذي بدا على كل جانب. إن اقتناء التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية يعد في نظري أمراً في غاية الأهمية ويلزم التهافت على اقتنائه لما احتوى من آراء جريئة وجهود حثيثة عكف عليها الباحثون المختصون في مجالات عدة وقدمت المعلومة بقدر كبير من الشفافية وتمكنوا من تشخيص بعض العلل وأظهروها بكل وضوح مروراً بأسباب تكوينها، ولم يقدم التقرير الذي شخص الداء أية حلول، إلا أن من يطلع على ثنايا المضامين في التقرير لديهم من معلومات عن أوطانهم ربما لم يتسنَّ لبعضهم الاطلاع عليها والدرجة العالية في المصداقية والحيادية والنزاهة، إضافة إلى كل ما تقدم فإن التقرير يمكنك من التعرف على أوضاع ثقافية مختلفة في الوطن العربي شملت مستوى حضور الذكور والإناث في المنتديات والفروق في مستوى النشاط، توزيع القضايا المثارة عبر الفيس بوك على أنماط وأدوات التعبير عنها عبر البلدان العربية والنسبة المئوية لها، وتتعرف كذلك على أشكال وجداول لتوزيع أبرز عشر قضايا انتشاراً عبر الفيس بوك وفق شهور السنة ووفق البلدان العربية، نصيب القضايا الدينية بالنسبة المئوية من إجمالي التدوينات في الدول العربية وداخل كل دولة على حدة، معدلات البطالة، نسبة الملتحقين بالتعليم العالي من خريجي الثانوية العامة والفني، توزيع السكان وقوة العمل، أعداد المتدربين في البرامج التدريبية بحسب قطاعات التدريب، وتجد أيضاً أعداد المبتعثين السعوديين في الدراسات العليا وغيرها، إجمالي عدد الكتب الصادرة عام 2010م وعدد الكتب التي مؤلفوها من الشباب. إن التقرير العربي الرابع للتنمية البشرية يقع في 746 صفحة ومرفق به في صفحته الأخيرة قرص ممغنط لم يتسنَّ لي معرفة محتوياته، وأنصح كل المثقفين ورجال الصحافة والإعلام وأساتذة الجامعة باقتنائه واقتناء التقارير الثلاثة التي سبقته.