تضمن "التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية" لمؤسسة الفكر العربي خمسة ملفات أساسيّة، كان لافتا منها ملف المعلوماتية الذي ركّز على قضايا الشباب العربي على الإنترنت، وما دار في الفضاء الرقمي التفاعلي العربي خلال عام 2010، من مدوّنات ومنتديات وصفحات ومجموعات فيس بوك عربية، وبيّن انتشار 53 قضية مثل، قضية الأدب والثقافة والفكر، قضية التربية والتعليم، قضية الاقتصاد، قضية الإعلام وحرية التعبير، قضية إسرائيل، قضية حقوق الإنسان، الطائفية...إلخ. موضوعات الثقافة والأدب والفكر بعامة، مثل أدب الطفل، والأساطير القديمة، والإبداع الأدبي والفنّي، والأدب المعاصر، والتراث الأدبي، والتراجم، والأعلام، وقضية الترجمة، والثقافة الجماهيرية، والحضارة الإنسانية، والحضارات الرومانية والفرعونية واليونانية...إلخ، احتلت مركزاً معقولاً بين جدول اهتمامات العرب في الفضاء الرقمي عام 2010. فمن حيث الترتيب العام حصلت هذه الموضوعات على3.9% من إجمالي ما نُشِر من تدوينات على المدوّنات العربية، وهي نسبة جعلتها سابع قضية، من حيث الانتشار عبر المدوّنات، كما حصلت على 5.3% من المشاركات التي نُشِرت على المنتديات، وبذلك حصلت على المركز السابع بين القضايا التي نوقشت على المنتديات العربية، وحصلت على 2.89% مما نُشِر عبر صفحات ومجموعات الفيس بوك، وهي نسبةٌ جعلتها تحتلّ المركز الخامس بين القضايا المثارة في مجتمع الفيس بوك العربي. جاء في الملف أن المدوّنات العربية التي لقيت اهتماماً بقضايا الثقافة هي المدوّنات العُمانية، تليها الإماراتية ثم البحرينية والفلسطينية والسورية، أما أقلُّها اهتماماً فهي المدوّنات العراقية واليمنيّة والمغربية والجزائرية والموريتانية، فيما تقع البلدان العربية الباقية في الوسط، لكن الأمر اختلف في حالة المنتديات. المنتديات السودانية، في مجتمع المنتديات العربي، كانت الأكثر اهتماماً بقضايا الثقافة والفكر والأدب، تليها المنتديات الّلبنانية ثم السعودية، أما أقلّها اهتماماً فهي المنتديات الأردنية والمصرية والموريتانية. وكشف التقرير أن قضية الثقافة والفكر والأدب هي قضية مدوّنات بالدرجة الأولى، وليست قضية منتديات أو فيس بوك. فيما أظهرت المدوّنات العراقية أنها الأكثر اهتماماً بالقضايا الإسرائيلية مقارنةً بالمدوّنات العربية الأخرى، حيث جاءت إسرائيل في المركز الثالث بين القضايا المثارة على المدوّنات العراقية، تليها المدوّنات السودانية ثم المغربية، أما المدوّنات الأقل اهتماماً بإسرائيل فكانت المدوّنات البحرينية والجزائرية والموريتانية والسورية والسعودية. وفي المنتديات تصدّرت المنتديات الّلبنانية القائمة واحتلت المركز الأول بين المنتديات العربية الأكثر اهتماماً بإسرائيل، تلتها المنتديات الفلسطينية. كذلك احتلّت القضايا الدينية المركز الأول (عبر المدوّنات) في جميع الدول العربية عدا السعودية والسودان والكويت وجيبوتي ولبنان ومصر، التي تراجعت فيها إلى المركز الثاني. واحتلّت قضايا الأفلام والسينما المراكز بين الأول والرابع والعشرين: فقد استحوذت في السعودية على المركز الأول، وفي الجزائر على المركز الثاني، وفي مصر على المركز الثالث، وفي جيبوتي على المركز الخامس، وفي البحرين والكويت على المركز السابع، وفي العراق وسورية على المركز التاسع، وفي فلسطين على المركز الحادي عشر، لكن مع الإشارة إلى أن القضايا التي احتلّت المرتبة الأولى في الترتيب العام للقضايا المثارة، ليست هي الاختيار الأول لكلّ الشعوب العربية. على صعيد التوزيع الجغرافي للمنتديات تبيّن أن مركز ثقلها الأساسي في العالم العربي هو المملكة العربية السعودية التي تستحوذ على ما يقرب من 60% من عدد المنتديات، تليها مصر التي يتركز فيها ربع المنتديات، فكان ذلك بمثابة الاختلاف الثاني بين المدوّنات والمنتديات، لأن مركز الثقل الأساسي للتدوين في العالم العربي كان في مصر والكويت. تشابهت قضية إسرائيل مع قضية الثقافة والأدب، في كونها قضية مدوّنات، وليست قضية منتديات أو فيس بوك، سواء من زاوية مستوى إنتاج المشاركات، أم من زاوية المحتوى المتعلق بالقضية، أم من زاوية مستوى القبول الجماهيري والانجذاب إلى ما كتب ونشر، أم من زاوية الاهتمام بها عبر شهور السنة المختلفة. واللافت في مجال المدوّنات، كان انتشار التدوين النسائي في تسع دول عربيّة، ولاسيما في منطقة الخليج، حيث سجلت المدوّنات النسائية في السعودية 70% ، وفي قطر 76% ، وفي الإمارات 75% ، وكذلك في المغرب العربي، حيث سجلت المدوّنات النسائية في الجزائر 82% للنساء. واللافت أيضاً بلوغ نسبة المشاركات الصادرة عن المجموعات على صعيد الفيس بوك حول قضية المذهبية أكثر من 95%، وأن تكون قضية الخواطر والمشاعر الشخصية هي أيضاً أكبر قضية يتمّ تداولها في الصفحات الفردية وتصل فيها نسبة المشاركة إلى أكثر من 95%. ربما لا تسمح هذه المعطيات على أهميّتها باستخراج دلالات اجتماعيّة أو نتائج نهائيّة كما هو عليه الحال في ملف التعليم، إلا أن ذلك يسمح بإطلاق ما يشبه الانطباع الأولي في أن التواصل الثقافي الرقمي للشباب تحديداً من خلال المدوّنات والمنتديات وصفحات ومجموعات فيس بوك العربية ليس سيّئاً على طول الخط كما يخيّل إلينا، لأنه تواصل ثقافي أولاً وآخر، وإن كان متمرّداً على الأنماط والقوالب الرسميّة للثقافة.