بعد الدراسة الصادمة التي أعلنها أحد الاستشاريين الأسريين، ومفادها أن الفراغ العاطفي الذي تعاني منه الزوجة السعودية، هو السبب في وجود 86% من النساء خلف القضبان، أخذت أتساءل عن عشرات الدراسات والإحصائيات التي أجريت ونشرت سابقا، التي ترد الانحراف السلوكي عند الفتاة والشاب إلى مرحلة المراهقة وتجعلها مسؤولة عنه, وإذا بنا فجأة نبرّئ مرحلة المراهقة والمراهقات من اتهاماتنا السابقة. ونلصقها بأشخاص بالغين عاقلين، تجاوزوا مرحلة المراهقة بسنوات، الأمر الآخر هو الاعتراف الضمني بمساوئ الزوج التي كانت محط تندر ومزاح بين النساء.. فقد عرف عنه إهماله لزوجته وعدم مراعاته لاحتياجاتها النفسية والعاطفية، وافتقاره لأبسط مقومات الثقافة الزوجية، معلقا عيوبه على المرأة بذرائع مختلفة (إلا من رحم ربي)، إلا أن هذه الدراسة أدانته بشكل مباشر وجعلت منه المسؤول الأول عن انحراف الزوجة، لأنه لا يغدق عليها عاطفة وحبا. كما تسببت هذه الدراسة بإشعال حرب شعواء بين الرجال والنساء، خاصة أن من قام بهذه الدراسة رجل، فكأن حال المرأة يقول: (وشهد شاهد من أهلها)، فمازال الأزواج ينكرون مسؤوليتهم عن تدني سلوك زوجاتهم، ويرون في انحراف النساء السلوكي فراغا دينيا وليس فراغا عاطفيا، إلا أن الزوجات ومن في طريقهن إلى الزواج مصرات على أن الرجل لا يمكن أن يجرب شعور المرأة المهملة، فلديه حق الزواج مثنى وثلاث ورباع فإن لم يجد ضالته فبالزواج مسيارا أو مسياحا أو مسفارا، وفي كل الأحوال سواء أقر الزوج بمساوئه أم لم يعترف، فإنه مطالب بمراجعة نفسه وتقييم سلوكياته أولا، قبل أن تقع الفأس في الرأس، كما يقولون، بيد أن إهمال الزوج وعدم مراعاته لمشاعر وعواطف زوجته وتركيزه على عيوبها فقط، لا ينبغي أن يدفع بالمرأة إلى سلوك طريق الرذيلة، بل يجب أن يكون لها رادع من دين أو خلق. ولا يسعني إلا أن أردد نصيحة وجهها أحد المشايخ الأفاضل لامرأة شكت إليه سوء خلق زوجها: إن كنت ترجين منه صلاحا فادعي له بالهداية، وإن كان ظالما لك فعليك بسهام الليل فإنها لن تخطئه، حيث عاجلته المرأة بقولها: (الله ياخذه ويريحنا).