17% نسبة استخدام الطاقة المتجددة بالشبكة الخليجية    مصير أوكرانيا يعتمد على رئيس أمريكا الجديد    كأس الملك: الاتحاد يحبط مفاجأة الجندل بثنائية نظيفة    كأس الملك: القادسية يقلب تأخره الى فوز على الوحدة بهدفين لهدف    فريق تعافي جازان يشارك بركن توعوي تزامنًا مع شهر التوعية بسرطان الثدي    «التخصصي»: استئصال بؤرة صرعية عنيدة    الراجحي: إنجازات المملكة في المسؤولية الاجتماعية «قصة تحول وتمكين ملهمة»    أمير الشرقية يستقبل السفير القيرغيزي    تجهيزات لاستجابة نوعية إسعافية في الطائف    «الدفاع المدني»: أمطار رعدية على مناطق المملكة من غدٍ حتى السبت القادم    مناقشة تقرير بنك التنمية الاجتماعية.. اليوم    الطائرة الإغاثية السعودية 15 تصل إلى بيروت    50 مشروعاً علمياً على منصة «إبداع الطائف 2025»    المهنا: زيارة الجبل الأسود تجسد حرص المملكة على دعم المسلمين    مناقشة تطوير اتفاقية تنفيذ الأحكام بين دول الخليج    القيادة تهنئ الرئيس التشيكي    رسميًا.. الماجد خليفة المهيدب في رئاسة النصر    الرياض تحتضن ملتقى "سعودي فلبيني" لتعزيز الشراكات الاقتصادية الواعدة    أمير القصيم يثمن تبرع الحميد بوقف تعليمي    وزير الخارجية ونظيره الإيراني يناقشان التطورات بالمنطقة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    خبير دولي ل«عكاظ»: انتهاكات إسرائيل تقود المنطقة لحرب شاملة    رحلات سياحية جماعية إلى سندالة    أمير عسير يُدشّن ويضع حجر أساس 87 مشروعًا مائيًا وبيئيًا بكلفة تجاوزت 5.2 مليارات ريال    «مكافحة المخدرات» بعسير تقبض على شخصين لترويجهما أقراصاً خاضعة لتنظيم التداول الطبي    كيف تخسر «التصويت الشعبي».. وتفوز برئاسة أمريكا؟    الخريجي: الأزمة الإنسانية في فلسطين ولبنان بلغت حداً لا يحتمل ولا يمكن السماح بتدهور الأوضاع في المنطقة    التوصيات الختامية للقمة العالمية للبروتك    نيوم يؤكد صدارته بهدف يتيم في مرمى احد    الابتكار ركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030    المملكة تحقق قفزة خضراء جديدة بانضمام محميتين للقائمة العالمية    أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية على مكة    وزارة الصحة تعتبر التوعية بشأنه أمرًا ضروريًا للحد من انتشاره وآثاره    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُعلن أسماء الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة    الأردن تدين تصريحات متطرفة لوزير إسرائيلي تدعو لضم الأرض الفلسطينية المحتلة وتوسيع الاستيطان    الفل الجيزاني استخدامه في الصناعات الغذائية والعطرية بما يعزز مكانة المملكة في الأسواق العالمية    إزالة مبانٍ لصالح جسر الأمير ماجد مع «صاري»    «ميتا» تكافح الاحتيال بميزة بصمة الوجه    الأنظار تتجه لباريس في حفل جوائز الكرة الذهبية.. فينيسيوس يحسمها.. وغوارديولا ينافس أنشيلوتي كأفضل مدرب    تجسّد العمق التاريخي للمملكة.. اعتماد 500 موقع في سجل التراث العمراني    عبدالرحمن المريخي.. رائد مسرح الطفل في السعودية والخليج    في دور ال 16 من كأس خادم الحرمين الشريفين.. الاتحاد يواجه الجندل.. وديربي بين الرياض والشباب    كبسولة النمو المالي    شتّان بين الضغائن والخصومات    8 أمور إذا شعرت بها.. غيِّر أصدقاءك فوراً !    مذكرة تفاهم بين محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    المملكة ودعم الشعب اليمني    مطار دولي يفرض حداً زمنياً للعناق    5 أطعمة غنية بالدهون الصحية    قيمة استثنائية    الطائف: أساتذة وخريجو معهد المراقبين يعقدون لقاءهم العاشر    أمير الرياض يستقبل السفير الياباني.. ويعزي الدغيثر    وكيل الأزهر يشيد بجهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    إنقاذ حياة فتاة بتدخل جراحي    انتخاب ناصر الدوسري رئيساً للجنة العمالية بسابك    «موسم الرياض» يطرح تذاكر منطقة «وندر جاردن»    أنا والعذاب وهواك في تكريم عبدالوهاب..!    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على «جباه» المدن... ما هذه التجاعيد؟
نشر في أنباؤكم يوم 16 - 01 - 2012


فهد سليمان الشقيران - الحياة اللندنية
يرتبط المجتمع المدني بالمدينة ارتباطاً وثيقاً، فالمدينة هي الطاقة التي تمد المؤسسات التي تؤويها بالقوة، وإذا أخذنا تاريخ نشأة المدن وتطورها، وتحولها إلى محاضن حضرية، نجد أن التحوّل من اللامدينة إلى المدينة أخذ سياقات فلسفية وتاريخية. المدينة مرتبطة بالأفكار، لنتذكر المدينة في زمن أرسطو وأفلاطون كانت حاضرةً بوهج التصوّر لها، ذلك أنها تنظّم شتات الإنسان، وترسم له الخطوط الكبرى التي تجعل سيره مثمراً على ذاته، وعلى مجتمعه. المدن التي تعيش نفساً فلسفياً وفكرياً، هي التي تجدد من حضريتها لتكون فعّالة بمؤسساتها وبكل المحاضن التي تؤويها.
في عدد كانون الأول (ديسمبر) من مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» كتب «روبرت كونزيغ» ملفاً ممتعاً بعنوان «المدينة هي الحل - حواضر علمنا خير دواءٍ لكوكبنا»، افتتح الملف بصورةٍ أخّاذة لمسبح «اللا نهاية» في سنغافورة، ثم يعلّق على الصورة «يمنح مسبح اللا نهاية الشاهق، في منتجع «مارينا باي ساندس» إطلالة أخاذةّ على سنغافورة التي حققت النجاح بفضل التوسع العامودي»، المجلة التي تمتاز بالصور الملهمة ضمت علاماتٍ بصريةٍ بمستوى المعلومات التي وردت حول معنى المدينة ونشأة المدن، ثم يشير إلى الخوف من التمدن ويعلق: «إن الخوف من التمدن لم يفد المدن في شيء، ولا الدول، ولا الكوكب برمته».
إن المدنية ضرورة حتمية من أجل تفجير الخيارات، وبث طاقة الحياة لتدب عروق الحركة الحيوية في جسد عروق الواقع الذي تخثّر بفعل الركون إلى سلوك القرية المعتمد على الروتين الواحد وعلى الخيار الواحد الحتمي، ومن ثمّ ليحيل ساكني تلك القرى إلى مجموعة من الأطقم المتشابهة تزحف على الأرصفة وفق أنماطٍ لا واعية صنعت تاريخياً بفعل ثقافةٍ مستقيلةٍ عن وهج الحياة وتجددها وحراكها.
تغيير الأفكار هو المعول الأبرز لكسر طين القرية وبناء زجاج العصر، ولئن انتقلنا نحنُ بواقعنا من شكل الطين إلى البناء الصلب، غير أن المسافة بين النقلتين ليست فكرية ولا فلسفية، بل ولم ترتبط بنموذجٍ حقيقي مرسوم، إذ أخذ التحول من الطين إلى البناء شكل خيالات الناس، فالبيوت كالحصون والقلاع، والأبينة تمت هندستها ضمن القوقعة التقليدية التي رسمتْها النماذج القروية التي لا تتصل بالعصر ولا بالفكر من قريبٍ أو بعيد.
في بحثٍ جميل لمحمد الجابري في كتابه «قضايا في الفكر المعاصر» خصّه لدراسة «الفلسفة والمدينة»، يكتب حول هذه العلاقة «إن المجتمع المدني لا معنى له من دون المدينة، والمدينة من دون الفلسفة مجرد تجمع سكاني لا روح له». فالمدنيّة أكبر من المدينة، إنها كينونة ترتبط بمستوى تداول النماذج المراد تطبيقها على المدينة بالسؤال الفلسفي والسجال الفكري، وبتفجير الحصون التقليدية التي تمنع وصول المدنيّة إلى المدينة، وتمنع تحوّل القرية الكبيرة لتكون مدينة خلاّقة ذات بعد عصري حضاري متطور، تشترك مع العالم بأزماته، بأفراحه، بأتراحه.
يمكننا بالسؤال الفلسفي الذي يهزّ الحصون والقلاع أن نرسم خرائط أخرى لمدننا، نكوّنها أولاً في أذهاننا، ومن ثم لتكون محور تداولٍ اجتماعي. إذا أخذنا المدن الكبرى في هذا العالم سنجد أن ما يميّز كل مدينةٍ وأخرى ذلك الاختلاف الحيوي في ما بينها، واختلاف النماذج التي رسمت بها، يعود إلى اختلاف الخيال، وطبيعة التدمير الذي سببه «ديناميت السؤال الفلسفي»! لا انفصال بين المدن أو «القرى الكبيرة» وبين الخيالات التي تحرّك الناس، حين تكون المدن ميتةً هامدةً جامدةً فإن الثقافة التي تسكنها ميتة جامدة، بالحيوية التي تجيد ضخها الفلسفة كفضاء سؤال مفتوح أبدي يمكننا أن ننعش المدن النائمة الناعسة المستلقية على السرر متثائبةً، بينما تبتسم المدن الحيّة للكون، وتنعش ساكنيها. هل نحن أمام إنجاز خيالات مختلفة لمعاني المدينة؟! هل هذا ممكن ثقافياً؟ أم أن المدينة هي الوجه المختصر لوجوه الناس التي أرهقتها تجاعيد العيش على أفكار الموتى والمقبورين؟!... هذه هي الأسئلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.