بعد الحرب الكلامية بين مؤيدي صالح الشيحي مع حفظ الألقاب حول إطلاقه كلمة خزي وعار على ما دار في فعالية ثقافية وبين بقية المثقفين . بعد الحرب الكلامية بين مؤيدي صالح الشيحي مع حفظ الألقاب حول إطلاقه كلمة خزي وعار على ما دار في فعالية ثقافية وبين بقية المثقفين ،هل يمكن أن يجتمع هؤلاء المتخاصمون مرة أخرى على مشروع ثقافي مشترك لبناء الإنسان وتنمية المجتمع؟ أي متابع لما تخلفه هذه الحرب بين مثقفينا من سباب وتهم وصلت إلى حد التهديد بالمحاكم ، سوف يستغرب ويتساءل (بأي وجه) سوف يتقابلون؟ ذلك أن ما دار بينهم يشبه ما يحدث في ساحة العراك عندما يلقي المقاتل قفازه ليصل إلى مرحلة (يا قاتل يا مقتول) مستخدماً فيها جميع الأسلحة. وبالتالي سوف يستنتج المتابع بكل بساطة أن تركيبتنا الثقافية مريضة وبها شيء يستدعي العلاج. سوف أشير باختصار إلى أبرز ثلاث سلبيات في المشهد الثقافي تتغلب على أساليب الحوار فتحوله إلى عراك وتلاسن بين المثقفين. السلبية الأولى وهي الأخطر، ازدواجية المعايير الشخصية في الحكم على تصرفات الآخر وهي تدفع بالكاتب ليكون متناقضاً حتى مع نفسه حين ينتقد كشف المرأة لوجهها لكنه لا يمنع نفسه من التحدث إليها والجلوس معها في مطعم أوروبي أو في الطائرة. الثانية التجييش على حساب المبدأ، فالكاتب أومقدم البرامج لا هم له إلا أن يجمع الأصوات ليصبح نجم شباك مثل بقية الممثلين. فسرعان ما يحوّل خلافه إلى قضية دينية إذا أراد جمع المؤيدين لوجهة نظره. وهذا يفسر لماذا لايستطيع إنكار صوت المذيعة ووجهها في التليفزيون على سبيل المثال لكنه ينكر عليها حضورها في مكان عام وينعته بأقذع الصفات. السلبية الثالثة، استخدام مفاهيم العلمانية والليبرالية في غير موضعها فيتهم بها المثقف المختلفين معه ليعوض بها عجزه عن الاستدلال بالحجج والبراهين. وأدل مثال على ذلك تحويل نقاش قيادة المرأة للسيارة خارج سياقها الاجتماعي وجعلها تهمة علمانية! لعل أول ما يلاحظ على هذه السلبيات أنها تعبوية تستهدف كسب الجمهور بكل الوسائل غير عابئة بالاحتفاظ بخط العودة مع المختلفين إلى عمل جماعي ومشاركة مستقبلية لتوظيف الثقافة في مشروع نهضة الإنسان. وهذه تعد فعلاً فضيحة المشهد الثقافي لدينا حين يستنزف الأدباءُ والصحفيون طاقاتهم ووقتهم في الخصومة إلى أبعد مدى دون التفكير ولو للحظة واحدة في ضرورة اتباع أساليب الحوار واحترام الرأي الآخر التي يدعون إليها في كتاباتهم. ولكي نخرج من قضية الخزي والعار التي يدور النقاش حولها بفائدة تهم المجتمع، أتفق مع الآراء التي طالبت زميلنا صالح الشيحي برفع قضيته للمحكمة بعيداً عن التعميم ودون أي ممارسة لتجييش الجمهور إذا وجد في الملتقى الثقافي سلوكاً مخزياً بين رجل وإمرأة وإذا وجد أن هذا السلوك لا يوجد مثيل له في بقية المؤسسات في المستشفيات والتليفزيون والإذاعة. وبكل تأكيد أن ذلك سوف يخدم الساحة الثقافية وبذلك يسهم معنا في توظيف الثقافة لتنمية الإنسان التي من أبسطها إيجاد البيئة المناسبة لحماية المرأة المثقفة والموظفة.