انباؤكم - عبدالله آل ملحم * لا أدري لِمَ كلما فتحت التلفاز على القناة الثقافية تخرج لي ميسون أبو بكر في بث حي أو إعادة لأحد برامجها التي لم نعد نحفظ أسماءها لكثرتها:" المقهى الثقافي، الصفحة الأولى، الثقافة اليوم، لقاء خاص، وأخيرا: ذات وكتاب" خمسة برامج قدمتها ميسون في نحو عامين على انطلاق القناة، وهو ما يعني أن ثمة إغراق برامجي تقوده ميسون لملء وقت القناة ببرامج باردة يغلب عليها الطابع الترويجي للأسماء المتحدث عنها، دون أن يكون للإثراء المعرفي أي حضور يمكن أن يسمو بوعي وفكر وثقافة المشاهد، فيما المدح والإشادة والتطبيل لعبة مكشوفة يحسنها كل أحد حتى العوام، ولكن تنشيط الذاكرة، وإثارة الأفكار، وطرح التساؤلات، لا يحسنها إلا مثقف حقيقي، وما يحدث في الثقافية عبر ميسون لا يعدو كونه تطويرا شكليا لمضمون برامج البادية وثقافة "صح لسانك" ! والمرجو من "الثقافية" أن تكون ثقافية كاسمها، لا دعائية كما هي الآن، كما إن الظهور المكثف لوجه واحد لابد وأن يصيب المشاهد بالسآمة والملل، حتى لو كان متميزا، فكيف وهو متسم بالعادية، شأن ميسون التي بات ظهورها أشبه بأيقونة تعرف الثقافية من خلالها كما تعرف الجزيرة بفيصل القاسم، والعربية بتركي الدخيل، والإم بي سي بمصطفى الآغا، ولك أن تتصور العربية لو ظهر أحد مقدميها في معظم برامجها لنراه في صباح العربية، ونشرات الأخبار، والبرامج الحوارية، وتغطيات القناة، والبرامج المناسباتية، والأخرى غير المجدولة، بل كيف سيبدو لنا فيصل القاسم و"الجزيرة" لو رأيناه يقدم بالإضافة إلى الاتجاه المعاكس: الشريعة والحياة، وحوار مفتوح، ومنبر الجزيرة، وبلا حدود، ونشرات الأخبار، مثلما تبدو لنا ميسون في ظهورها الماسي الذي انكسفت له كل البرامج والوجوه لطغيان ظهورها، أمام وجوه لا نراها إلا مرة في اليوم أو الأسبوع، فيما لا تنفك هي تطالعنا بطلتها المتكررة مرات في اليوم الواحد، وهي أشبه ما تكون بهشام الهويش الذي كان يتنقل عبر الإم بي سي من برنامج فاشل إلى برامج أكثر فشلا حتى اختفى، ولكن ميسون ما زالت رابطة الجأش تحافظ على صمودها! قد أكون مخطئا وربما كان يتعين علي مسالمة الظاهرة الميسونية التي يحسن الاعتراف بها، وإن رغمت أنوف المثقفات اللاتي ناوأنها بما زعم أنه غيرة وحسد، ولكن وحتى نكون أكثر إنصافا ألا يكون ما هي فيه شيء من فضل الله الذي يؤتيه من يشاء من عباده والله ذو الفضل العظيم، وبالتالي فما سوى ذلك ليس إلا دندنة الذين يحسدون ميسون على ما آتاها الله من فضله، لا سيما بعد أن استبان لهم أنها المثقفة التاتشرية، ومثقفة المهام الصعبة، وخبيرة الشؤون الثقافية، وسفيرة الثقافة لدى المثقفين، ومن ثم فهي المثقفة المناسبة في المكان المناسب، وما دام ليس بهذه القناة سوى هذه الفتاة، كما ينبغي لنا أن نفهم، فليت القناة تعطيها المزيد من الوقت لتقدم المزيد من البرامج ؟! ما المانع مثلا من برنامج صباحي يسمى قهوة الصباح، يكون بديلا لما تكرس لدى النساء فيما يسمينه قهوة الضحى، لتناقش فيه قضايا الساعة بدلا من أحاديث القيل والقال، ولغو الغيبة والنميمة، وبالطبع فمهمة تنويرية كهذه لن ينهض لها أحد أكفأ من ميسون، فإذا كانت الظهيرة فحبذا لو طالعتنا ببرنامج آخر بعنوان المطبخ الثقافي، تغشى فيه مطابخ المثقفات، لتستقرئ من خلاله أثر الطعام على ثقافتهن، وبعدئذ لابد أن نتجاوز فترتي ظهورها عصرا ومساء وما بين العشاءين لأنها في الغالب تقدم بعض برامجها في تلك الأوقات، حتى إذا دنت الساعة من العاشرة ليلا، وحان وقت مبيت الأسرة فما أجملها من لحظات تلوذ فيها بالحكي لتقص علينا أجمل القصص، وبالطبع فليس ثمة أحد أجدر من الست ميسون، وحتى تخرس كل الألسنة الحاسدة والشانئة فحبذا لو غيرنا مسمى القناة ليغدو بعد التعديل "قناة ميسون الثقافية" حتى يفهم من لا يريد أن يفهم أنها تتحدث في قناتها وليس لأحد حق التطفل عليها !! *ناقد وكاتب Twitter:@almol7em