عبر وسائل الاتصال الجديدة (تويتر والفيس بوك) وغيرهما، قال شباب الخليج كلمتهم حول مزاعم الربيع الخليجي بوضوح تام، ورفضوا التجمع في المواقع المشبوهة، اللهم إلا للرد عليها ورفضها، فشباب الخليج لا يريد ربيعا يقفز منه أصحاب التطرف الديني على حماس الشباب، وشباب الخليج من الوعي بحيث لم ينسق وراء دعواهم مفضلا انتماءه الوطني.. ثم تكوينه القبلي والأسري على شعبوية وأممية نظرية الدين السياسي. كلامي هذا مبني على حجم النصوص المعروضة للشباب في وسائط التواصل الاجتماعي ومضامينها، وهي نصوص تعبر عن الوعي والاستنارة لدى الشباب الخليجي في نقاشه مع الدين السياسي وفصله عن الدين الخالص لله وحده. اللافت في الأمر أنه رغم وجود كم نصي نقدي كبير من قبل شباب الخليج لأوضاعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكلامهم الحاد في موضوع النزاهة محاربة الفساد عبر وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر والفيس بوك)، إلا لم يضعوا أنفسهم في ركاب الدين السياسي الإخواني وهو الأبرز، واحتفظوا بنقاء مطالبهم من التلوين الحزبي، مستفيدين من مناخ حرية الإعلام الإليكتروني لدعوات الإصلاح العام، ومحاربة الفساد، والفقر، وغيرها من المطالب الطبيعية. المجتمع الشبابي الخليجي أبدى رأيا واعيا ومضادا، حين قررت رموز التيارات الحزبية الدينية فتح مواقع للتجمعات عبر الإنترنت لتحريك الشارع الخليجي، لأن الذين تسللوا من خلال مناداة أخلاق الدين يطرحون بتنظيم محكم أجندة تستفيد من الفوضى السائدة -لو حصلت- مع أنهم لا يفعلون شيئا أثناء تهييجهم وتحريضهم، بل يختبئون في قصورهم لقنص الغنيمة، وهذا ما تنبه له كثير من شباب الخليج، فرغم إعلام الإخوان المسلمين المنظم في الخليج، الذين يشاركون فيه عبر التواصل الاجتماعي ومحطات الفضاء، مطالبين شبيبتهم بثورة ربيعية، وداعمين لهم بالتدريب، لم يجدوا فرصتهم لخطف المجتمعات الخليجية لفكرهم الأممي، الذي يبث ضد فكرة المواطنة المرتبطة بالأرض والانتماء للوطن، لأن مجتمع الخليج عرف التيارات المتطرفة، وما يؤدي إليه وصولها للسلطة، وهو أقرب للتصور الوطني العائلي القبلي في الانتماء منه للأحزاب السياسية الدينية الشعبوية. التيار ما زال يعبث بفكر الشباب عبر الوسائل الإلكترونية مستغلا مناخ الحرية، ويبث شعارات استهواء، لكن الجميل أن شباب الخليج نأى بنفسه عنهم إلا قلة مضللة قد تعي لو ركز الإعلام المحلي على أدبيات تلك الجماعات وأطرافها من الأحزاب السياسية المتلبسة بالدين، والتي لديها أجندات خاصة خارج طبيعة المواطنة.