من الأسباب الخفية لأهم مشاكلنا هي الزيادة السكانية الكبيرة، لقد تضاعف عدد السكان في المملكة خلال العقدين الماضيين وبلغ معدل نسبة المواليد 4% وهو من أعلى المعدلات العالمية، ورغم انخفاضه قليلا الآن ألا أنه ما زال مرتفعا ارتفاعا غير محمود (حوالى 3,5%)، لقد كنت من أوائل من لفت النظر إلى خطورة هذه الزيادة، وكتبت أطالب بتشجيع تنظيم النسل وتوعية المواطنين بفائدة ذلك، وقد أحدثت تلك الكتابة زوبعة كبيرة وعرضتني للمساءلة والنقد الشديد، وما زالت الكتابة في هذا الموضوع غير مرغوبة وموضع اعتراض شديد، بل إن كثيرا من خطباء المساجد يشجعون على زيادة النسل متأولين بعض الأحاديث الشريفة بما لا يتفق ومعناها الصحيح، وإن الزيادة في النسل ضارة وعلامة ضعف وتخلف بدليل الحديث النبوي (ولكن تكونون كثرة كغثاء السيل)، والعالم العربي مصاب بكثرة النسل المعطلة والضارة؛ لأنها تلتهم كل موارد الدول وخطط التنمية، وهذا واضح عندنا حيث تتغلب الزيادة على المشاريع التنموية. وهذا من أسباب الازدحام في المستشفيات وفي المدارس والمدن.. إلخ، والعقل يرشد إلى ضرورة التنظيم، وحسب دراسات علمية موثقة أوروبية بأن العائلة المكونة من طفلين هي عائلة مثالية، وخطر الزيادة في استنفاد الموارد المالية والغذائية والطاقة والماء والأخشاب وزيادة الانبعاث الحراري والغازات، كل هذا يؤثر على كوكبنا ووجودنا. لقد جادل كثيرون عندنا وقاوموا فكرة تنظيم النسل وتوعية المجتمع بذلك بدعوى سعة المملكة ولكنهم نسوا أن الموارد محدودة ولا يمكن توفير بعضها بالمال وكذلك القدرة على التنفيذ.. وعليه لا بد من تنظيم النسل حتى لا نضيع.