ذعار بن نايف بن محيا - الوطن السعودية مصطلح (الإلكتروقراطية) كما عرَّبه لنا الأستاذ نسيم الصمادي من خلال ترجمته كتاب ريتشارد هيكس (إعادة اختراع الحكومة) مصطلح شامل يجمع بين العمل الإلكتروني والبيروقراطي. و(الإلكتروقراطية) نظرية يتحول بها العمل الإداري من العمل البيروقراطي إلى العمل الرقمي، وينتقل من إدارة الانتظار والطوابير (In line) إلى الخدمة على مدار الساعة (On line) من أجل الوصول إلى معادلة الحكومة التي تعمل أربعا وعشرين ساعة، في سبعة أيام، طوال ثلاثمئة وخمسة وستين يوما، دون إجازات أو عطل. وإذا كانت سلبية النظرية البيروقراطية هي التركيز على الإجراء والتمسك بالروتين وقتل روح المبادرة والإبداع، فإن سلبية الإلكتروقراطية من وجهة نظري هي التركيز على التقنية والمبالغة في تجهيزاتها وتكلفتها، وإغفال الدور الأهم لنظم المعلومات. ويرى العديد من خبراء ومنظري تطبيق الحكومه الإلكترونية ومنهم هيكس نفسه، من أن هناك فرقا كبيرا في الأولوية وفي الأهمية بين (نظم المعلومات) وبين (تقنية المعلومات) فالأولى تمثل أكثر من ثمانين بالمئة من التحول الإلكتروني، وهي المرحلة الأهم التي تعنى بسير البيانات والمعلومات وتدريب الكوادر البشرية، وبناء عليها تحدد الأساليب الإدارية والعلاقات والصلاحيات الوظيفية، بنظم إدارية قابلة للتطبيق إلكترونيا، ثم تحدد الاحتياجات التقنية من برامج وشبكات ووسائل اتصال بعد ذلك. وهذا يعني أن التحول الإلكتروني منهج وثقافة إدارية قبل أن يكون تقنية، و(نظم معلومات) أكثر منه (تقنية معلومات) ولا يعني امتلاك أغلى البرامج و(السيرفرات) وأجود الشبكات والاتصالات قدرة المؤسسة الحكومية أو الخاصة على التحول الإلكتروني، ما لم تكن نظم معلوماتها الإدارية جاهزة لهذا التحول. ويحتاج التحول الإلكتروني إلى التخطيط (اللامركزي) في نظم المعلومات لاختلاف النظم من مؤسسة إلى أخرى، و(المركزي) في تقنية المعلومات؛ لضمان التوافق والربط التقني وخفض التكاليف. كما يحتاج أيضا التدرج في المراحل والخدمات، والابتعاد عن سياسة حرق المراحل الإلكترونية، وهي سياسة حالمة لا تساير الظروف ولا الواقع ولا تنجز مهمة، ولا تصنع ثقافة عمل إلكترونية. وقد عانى التحول الإلكتروني في المملكة من روتين (البيروقراطي) ومبالغة (الإلكتروقراطي) لدرجة أن برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية (يسر) لم يحقق من خطته التنفيذية إلا عشرة بالمئة رغم مرور الأربع سنوات المقررة للخطة التي حلمنا بنجاح تطبيقها، ورصدت لها ثلاثة مليارات، وبنينا عليها الكثير من الآمال. وإذا بقينا بين تنازع البيروقراطي والإلكتروقراطي هذا، فسيحتاج البرنامج وفق تجربة الأربع سنوات السابقة إلى أربعين عاما، لكي يحقق ما تبقى من الخطة التنفيذية للتعاملات الإلكترونية. تتويت: التحول الإلكتروني يجب أن يسبقه تحول ورقي، وإذا لم نغير نظم المعلومات وثقافة العمل وتركنا الخيار والمعيار التقني بيد الجهات الحكومية؛ فسيستمر هذا التفاوت والتباين والتعثر، وسيطول بنا الزمن قبل أن نكون جاهزين لأداء الخدمة من موقع واحد.