لم يعدْ في قيادة السيارة في شوارع مدننا الكبرى أيّ ميزة تُشجِّع المواطن العادي على الاستمرار فيها، خصوصًا في جدّة، وليس هذا فقط، بل إنّ انعدام الميزة تُصاحبه مآزق كثيرة، تحصل بصفة يومية للمواطن، بسبب القيادة!. السيارة نفسها هي أول مأزق، إذ يشتريها المواطن بسعرٍ غالٍ مُحصَّنٍ ضدّ تدخّل وزارة التجارة، وتلك الإدارة (إللي) اسمها: (إيه) يا ربّي؟ (إيه) يا ربّي؟ (إيه) يا ربّي؟ آه.. تذكّرت: حماية المستهلك، وطبعًا تزداد نسبة غلاء السيارة مع نظام البيع بالتقسيط، أو التأجير المنتهي بالتمليك، أو التفليس، كلاهما سواء!. وعيوب الشوارع، من مطبّات، وحُفر، و...، و...، و...، هي مأزق يضمن تسارع انخفاض قيمة السيارة (Depreciation Value) في وقتٍ أقلّ كثيرًا من الوقت التصميمي المُقدَّر من المصنع، يعني لو قدَّر المصنع انخفاض قيمتها بنسبة 10% خلال أول سنة من عمرها، فهي عندنا 50%، أو أكثر، بلا ريْب!. تخطيط الشوارع هو أيضًا مأزق تخبيطي وتخبيصي، وهو يُولِّد الازدحام ويُعينه، ولا يُعين عليه، وهو أشبه بلعبة السلالم والثعابين التي يظنّ اللاعب فيها عند ارتقائه السلّم أنه وصل إلى نهاية السباق، وأنه فاز، لكنه يُفاجأ بثعبان يبتلعه ويُعيده إلى نقطة البداية، وكذلك يظنّ المواطن، وهو يقود أنه اقترب من محطّة وصوله، ثمّ يجد نفسه في محطّة انطلاقته دون أن يدري كيف حصل ذلك!. أمّا نظام ساهر، وغراماته المالية الكبيرة والمتراكمة، واستشكالاته غير المحلولة، فهو مأزق صعب وتفريغي لجيب المواطن، وكأنّ جيبه ناقص!. لهذا، أظنّ المواطن يريد اعتزال قيادة السيارة، فلديه هموم أخرى تدكّ الجبال!.