حملت الأيام الماضية أخبارا غير سارة عن تعرض بعض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاعتداءات وحشية من بعض العصابات والأفراد المطلوبين نتيجة مواجهات شرسة مع فرق الهيئة، وجاءت هذه المواجهات الدامية نتاجا طبيعيا لحالة الاحتقان المتبادلة بين الطرفين، وعدم تقبل بعض الأفراد لرجال الهيئة، وتصور البعض أن المداهمات وإلقاء القبض ليست من صميم عمل الهيئات وإنما تدخل في صلب عمل أقسام الشرطة، وأن دورالهيئات يتوقف عند حدود الدعوة بالتي هي أحسن والإرشاد والتوجيه والتذكير والتبليغ بالوقائع ونقل الملفات لجهات الاختصاص. الحوادث التي وقعت طيلة السنوات الماضية كثيرة ولايمكن حصرها لذا سأتحدث عن أقرب حادثتين وقعتا في الأيام القريبة الماضية، في الحادثة الأولى تعرض الشيخ على الأحمري رحمه الله وهو عضو في هيئة الأمر بالمعروف في عسير لطلق ناري غادر أرداه قتيلا في وقت كان يؤدي فيه مهمة إنسانية تطوعية بتوصيل حدث، وأتوقف عند هذه المهمة الإنسانية لأوجه سؤال لمسئولي الهيئة عن طبيعة مثل هذه المهمة وهل الشيخ رحمه الله قد تطوع من تلقاء نفسه أم أنه قد تلقي أمرا رسميا من المسئولين؟ إذا كان ما قام به الشيخ من جهد لتوصيل الحدث قد جاء من تلقاء نفسه فقد ألقى بها إلى التهلكة، يقول تعالى { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ }، وإن كان بأمر من رئيسه في العمل فقد تجاوز الرئيس بذلك مهام رجل الهيئة ؛ فالقبض على المجرمين واقتيادهم واستلامهم وتسليمهم وحبسهم من مهام رجال الأمن. أما الحادثة الثانية فقد تعرض فيها عضو هيئة مركز الشميسى بالرياض الشيخ مرشد الموسى لهجوم من قبل مجهولين حاولوا إحراقه داخل سيارته بإلقاء قنبلة مولوتوف حارقة في محاولة دنيئة لقتله بعد أن ساهم في القبض على مروجي مخدرات هددوه أكثر من مرة، وهذه الحادثة توضح أيضا أن بعض رجال الهيئة من فرط حماسهم قد وضعوا أنفسهم في فوهة المدفع وعلى خط النار وهو ما ينذر باحتمالات وقوع حوادث مستقبلية أكثر خطورة ما يعني ضرورة أن تحدد أدوار رجل الهيئة من قبل الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويتابع التنفيذ بدقة كي لا تحدث كوارث مستقبلية؛ فرجل الهيئة بطبيعة عمله الدعوي التهذيبي والإصلاحي لا يحمل مسدسا ولا رشاش كلاشينكوف ولا حتى سكينا أو عصا يهش بها على المطلوبين ويذود بها عن حياضه إنه يحمل فقط رسالة سامية وعقيدة راسخة وكلمة هادئة رزينة في مواجهة عصابات تسعى في الأرض لإفساد المجتمع وإغراقه بالمخدرات والمسكرات والحبوب، وفي مواجهة شواذ ومتحرشين للأخذ بأيديهم للطريق الصحيح بالحكمة والموعظة الحسنة لذلك لا تدخل ضمن مهامه الأعمال البوليسية من مطاردة ومداهمة وقبض واعتقال، ووفق مانصت عليه لائحة الهيئة التنظيمية؛ فدوره إرشادي توجيهي يقوم على حث الناس لفعل الخير بالترغيب ومراقبة السلوكيات والظواهر الشاذة والغريبة وحث الناس لأداء شعائر الدين ورصد المخالفات والإبلاغ عنها والتنبيه على خطورة المنكرات والنهي عن الوقوع فيها. مسئولية القيادة العليا في الهيئات المبادرة إلى نزع الفتيل وإبعاد رجالها عن المواجهات المسلحة وقصر مهامهم على ما ورد في نظامها الأساسي كي يتحول دور رجل الهيئة إلى دور أكثر قبولا من الجميع وبعيدا عن مواقع الخطر.