عبدالوهاب بن ناصر الطريري - الاسلام اليوم كنتَ ترى الوفاء والحبّ الخالص الذي لم تشُبه شائبة إذا رأيتَه، كانت علاقته بالشيخ ابن باز -رحمه الله- شيئًا آخر رائعًا، كانت ائتلافًا روحيًّا، وتناغمًا وجدانيًّا، حتى كأنه جسد آخر لروح الشيخ، كان الشيخ ابن باز يقرأ بعيني الشيخ محمد، ويكتب بيد الشيخ محمد، وكان الشيخ محمد يحبّ بقلب الشيخ ابن باز، ويفكّر بعقل الشيخ ابن باز، ويتفاعل بمشاعر الشيخ ابن باز، تراه يتهلّل فرحاً؛ لأن الشيخ فرح، وتراه يعتصر ألماً؛ لأن الشيخ يتألّم، يا لله لمنظره وهو يحكي لي ألم الشيخ في مرضه حتى أحسسْتُ أنّ الألم في جسده هو. أفاء عليه الشيخ ابن باز من حسْن خلقه وسمْته، فتشرّب ذلك ومازج روحه فإن سألتَ: كيف كان الشيخ ابن باز؟ قيل لك: كما يكون الشيخ الموسى. الشيخ ابن باز متوكّئًا على الشيخ الموسى رحمهما الله ثم تُوفّي الشيخ ابن باز، ففجع الشيخ الموسى، وكأنما ذهبت مع الشيخ قطعة من روحه وشجنة من قلبه، ولا تخطئك رؤية سفعة حزن على محيّاه منذ فقد الشيخ وإلى أن لحق به، وبقي الشيخ محمد الموسى بعد الشيخ ابن باز وكأنه عمر آخر للشيخ يروي أخباره، ويذكّر بحاله، ويحيي مثاله وسمْته بحيث لا يكاد يجلس مجلسًا إلاّ سمعت للشيخ ابن باز فيه ذكرًا جميلاً وخبرًا طريفًا ودعاء صادقًا. كم هاتفني لا لشيء إلاّ ليقول: لم أرَ كتابة عن الشيخ تليق بالشيخ، لم يتحدث أحد عن الشيخ كما هو الشيخ، ثم ينفث نفثة مصدور وهو يقول: كيف تُطوى صحيفة الشيخ من غير أن تُوثّق سيرته وكتاباته ومراسلاته، ثم خطا خطوة عظيمة برواية ما رأى من شيخه وكذا إخراج شيء من مراسلاته اعتنى بها وأعدّها أخي الشيخ محمد الحمد، فكانت هي أثمن ما قيل عن الشيخ وأكثر أثرًا وتأثيرًا. كان حبّه للشيخ ابن باز آية في الحبّ، وكان وفاؤه للشيخ ابن باز آية في الوفاء، وكان كريم خلقه مشهدًا من مشاهد خلق الشيخ ابن باز، ولا يكاد يُذكر الشيخ محمد بن موسى الموسى إلاّ ذُكر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز. اللهم كما جمعتهما في هذه الدّنيا على المحبة فيك، فاجمعْهما يوم القيامة مع المتحابّين بجلالك تحت ظلّ عرشك.