د.سعد بن عبدالقادر القويعي - الجزيرة السعودية عندما يعلن وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أن سعي الوزارة إلى تفعيل دور مكاتب الصلح؛ للمساهمة في حل القضايا، ومحاولة التوصل إلى نقطة اتفاق، وإيجاد الحلول المرضية للأطراف المتقاضية، سيعمل على تخفيض نسبة عدد القضايا التي ترد للمحاكم بين «40 %» و«50 % »، فإن نسبة الإنجاز برقم كهذا ستُعطي دلالة واضحة بمقدار سعي الوزارة الفاعل في المضي قدماً بمستوى العمل القضائي نحو الأفضل. أمر غير مبتدع أن تقوم وزارة العدل بإنشاء مكاتب الصلح، وتدريب العاملين فيها، وتنمية قدراتهم؛ من أجل تحقيق الاستقرار الأسري، وحل الخلافات الأسرية بالطرق الشرعية، إضافة إلى تقديم التوجيه لمن هم بحاجة إلى تبين أبعاد مشاكلهم، ومن ثم السعي إلى معالجتها وفق الضوابط الشرعية، إن بالتوجيه، أو الصلح، أو بإحالتها لجهة الاختصاص، وهذا هو المعمول به في أكثر دول العالم. قد يكون الصلح وقائياً عندما يحقق مراد الشريعة الإسلامية في الإصلاح بين الناس؛ لتسكن به النفوس، وتأتلف به القلوب؛ لذا فإن التعريف بثقافة الصلح، والعفو، والتسامح، وبيان الأجر العظيم للعافين، من جهة، والعمل على تطوير مكاتب الصلح في المحاكم الشرعية، وتهيئتها بالموظفين الأكفاء أصحاب الاختصاص الشرعي والاجتماعي والنفسي، بعد تأهيلهم، مطالب مهمة - ولا شك -. خذ على سبيل المثال عندما تقوم وزارة العدل بتفعيل دور الأخصائي الاجتماعي في المحاكم الشرعية، وهو دور مغيَّب مع الأسف؛ ليقوم بوظيفة المساند للقاضي، والمصلح بين الزوجين قبل وصولهما للقضاء، أو معالجة نتائج الانفصال الزوجي، سواء عن طريق النفقة، أو الحضانة، أو سوى ذلك، فإن ذلك يعني: تكاتف هذه الجهود خارج أروقة المحاكم، بتوجيه المتخاصمين - بداية - إلى هذه المكاتب، قبل أن يستشعروا أنهم ذاهبون إلى ساحات القضاء؛ وبالتالي سيُسهم هذا المشروع في إراحة القاضي، الذي يواجه سيلاً من دعاوى الطلاق، والنفقة، والحضانة، التي يمكن حلها قبل الشروع أمامه. وفي حال عدم اقتناعهم بما انتهت إليه هذه المكاتب، فإن الخيار الآخر هو إحالتهم إلى القضاء؛ للبت في قضاياهم. بقي التأكيد على: ضرورة تشكيل فريق في الهيكل الإداري الجديد في وزارة العدل؛ لتضمين إدارة الخدمة الاجتماعية، والاستعانة بالعنصر النسائي في مكاتب الصلح داخل أروقة المحاكم الشرعية؛ حتى تقوم بإعداد الدراسات والتوصيات ذات الصلة، إضافة إلى التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية؛ من أجل تعزيز دور مكاتب الصلح والخدمة الاجتماعية في المحاكم الشرعية.