أثارت وثائق ويكليكس هذا الأسبوع ضجيجا من نوع آخر، إذ إن الوثائق عرضت أسماء إعلاميين نسبت إليهم الوثائق آراء وأفكارا بدت عادية جدا، لكنها الوثائق التي تفتح شهية الحديث والثرثرة، إذ يندر أن يمر يوم دون أن تتناول إحدى الصحف أو المحطات التلفزيونية وثيقة من تلك الوثائق التي تتناول هذا الحدث أو ذاك. وعقب نشر هذه الوثائق ثار نقاش حولها على تويتر، وبعض هذا النقاش شارك فيه بعض من وردت أسماؤهم في هذه الوثائق سواء بالنفي القاطع، أو بتقديم تبرير وتوضيح لما ورد في تلك الوثائق. اللافت في قضية ويكليكس أن كل من يتواصل مع السفارة أو القنصلية هو عرضة للاستنطاق، وبالتالي فإنه سيتحول إلى مصدر للمعلومة، وإحدى الوثائق كشفت أيضا أن هناك من حاولت السفارة استنطاقه، لكنه رفض بشدة. على هامش هذا الأمر، نشرت جريدة الحياة، قبل تسريب الوثائق نقلا عن وزارة الثقافة والإعلام توجيها يتضمن التأكيد على جميع الصحافيين بعدم تلبية الدعوات أو حضور اللقاءات والدورات التي تدعو إليها جهات أجنبية تعمل بالمملكة أو خارجها (1/9/2011)، إلا بعد أخذ الموافقة على ذلك. لكن تبقى قضية ويكليكس الإعلامية وأمثالها من القضايا التي كانت ولا تزال تلازم العمل الدبلوماسي في العالم أجمع. وكانت السفارات الأجنبية إبان حقبات التاريخ تتواصل مع وجوه المجتمعات لأهداف مختلفة. وصدرت كتب باللغة العربية تتحدث عن أدوار بعض السفارات في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي خاصة في مصر. وكانت تلك الكتب ترصد تعاظم أدوار هذه السفارات في حقبة الاستعمار، حتى إن تلك السفارات كانت محط استشارة في التعيينات التي كانت تجري في مصر في تلك الحقبة. ومن المؤكد أن بعض السفارات كان لها دور في تدريب المتظاهرين في عدد من الدول، وكان التدريب يشمل حتى كيفية وقوفك أمام كاميرا التلفزيون أثناء التظاهر والتعابير التي ترتسم على وجهك. لكن يبدو أن تلك الحقائق تحتاج إلى زمن أطول حتى تتكشف بشكل دقيق.