كشفت 90 ألف وثيقة سرية سرقها ضابط أمريكي من المخابرات العسكرية في البنتاجون وسربها إلى موقع إلكتروني سويدي عن معلومات تتهم المخابرات العسكرية الباكستانية بدعم حركة طالبان وبالعمل المتعمد على نشر عدم الاستقرار في أفغانستان. وأدان بيان أصدره مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال جيمس جونز تسريب هذه الوثائق، فيما رفضت إسلام أباد تلك الاتهامات على لسان سفيرها في واشنطن حسين حقاني الذي وصف الوثائق التي نشرها موقع "ويكيليك" على الإنترنت بعد أن سرقها ضابط شاب من مكاتب المخابرات العسكرية الأمريكية في كابول بأنها تفتقد المصداقية. وقال حقاني "أغلب ما جاء في تلك الوثائق أتى من مصادر لها أهداف سياسية. وهناك عمليات قالت تلك المصادر إنها ستحدث ولم تحدث أبدا. إنها محاولة واضحة لتشوية الدور الباكستاني". وقال الجنرال جونز في بيانه إن الوثائق تغطي فترة سابقة على حكم إدارة الرئيس باراك أوباما وإن الاستراتيجية الأمريكيةالجديدة التي طبقتها تلك الإدارة غيرت من أوضاع كثيرة وذلك في إشارة إلى موقف المخابرات الباكستانية الذي قيل مؤخرا إنه تغير. ويشكل الكشف عن الوثائق حرجا كبيرا لإدارة أوباما التي قدمت منذ أيام صفقة مساعدات استثنائية لإسلام أباد تجاوزت مليار دولار بالإضافة إلى المساعدات السنوية لاسيما في المجال العسكري. فضلا عن ذلك فإن الكشف عن الوثائق يعيد إلى طاولة النقاش مسار الحرب الأمريكية في أفغانسان في لحظة يتسم خلالها موقف الرأي العام الأمريكي من الحرب بالتململ الشديد. ومن شأن الوثائق أن تزيد من شعور الأمريكيين بأن الحرب في أفغانستان لا تمضي كما ينبغي وأن واشنطن لا تعرف ما تفعل هناك لاسيما في ضوء تزايد أعداد القتلى في صفوف الجنود الأمريكيين. وكان ضابط في المخابرات العسكرية الأمريكية يعمل في كابول قد أرسل الوثائق إلى موقع "ويكيليك" المتخصص في الكشف عن الوثائق السرية للحكومات قبل أشهر. وأخطر الموقع الحكومة الأمريكية بأنه حصل على الوثائق وأنه يعتزم نشرها. ورفض القائمون على الموقع ومقرهم السويد محاولات الأجهزة الأمريكية إقناعهم بالعدول عن النشر. ولم تكشف هوية الضابط الذي سرب المعلومات إلا عبر ثرثرة على الإنترنت مع أحد المتخصصين في اختراق المواقع الحكومية. وتمكن هذا الأخير من تحديد هوية الضابط من خلال المشاركة في الثرثرة وأبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي أبلغ بدروه المخابرات العسكرية. واعتقل ضباط المخابرات العسكرية الضابط الذي سرب الوثائق ونقل إلى واشنطن حيث ينتظر المحاكمة. وكشفت الوثائق عن معلومات تتعلق بما وصف بأنه دعم المخابرات العسكرية الباكستانية لطالبان ومسلسل من الاتفاقات السرية بين الجانبين كان من بينها اتفاق يقضي بألا تتعرض طالبان لمناطق باكستانية في إقليم القبائل مقابل أن تغمض المخابرات الباكستانية أعينها عن استخدام الحركة لذلك الإقليم لمهاجمة القوات الأمريكية ثم العودة إلى الأراضي الباكستانية بعد ذلك. كما أوضحت الوثائق دور من أسمتهم بالمقاتلين العرب في حركة طالبان ووجود شبكة معقدة متخصصة في تجنيد الصبية والشباب للقيام بعمليات انتحارية ومهاجمة مواقع داخل كابول بما في ذلك السفارة الهندية هناك. وسردت الوثائق وقائع لمهاجمة قواعد أمريكية على الأراضي الأفغانية عبر وحدات من طالبان تتنقل عبر الحدود وأمام أعين القوات الباكستانية التي تتيح لمقاتلي طالبان التحرك على متن شاحنات صغيرة للقيام بعملياتها ثم الفرار بعد ذلك إلى داخل الأراضي الباكستانية. وتتضمن الوثائق تقارير رفعها ضباط أمريكيون من الميدان تصف معلومات حول شبكات تابعة لطالبان تتقاضى أموالا من المخابرات العسكرية الباكستانية وعمليات لشراء السيارات وتفخيخها ثم الانتقال بها عبر الحدود بين البلدين لتفجيرها في مواقع حكومية أفغانية. وتكشف الوقائع أن بعض المعلومات التي نقلها الضباط الأمريكيون في تقاريرهم المرفوعة للمخابرات العسكرية الأمريكية تناولت عمليات حدثت بالفعل بعد ذلك، فيما تتناول تقارير أخرى معلومات لم تحدث إما لأنها أجهضت قبل حدوثها أو لأنها كانت معلومات غير دقيقة من الأصل.