سهم بن ضاوي الدعجاني - الجزيرة السعودية حماية النزاهة، وتعزيز مبدأ الشفافية، ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه، والتحري عنه في عقود الأشغال العامة وعقود التشغيل والصيانة وغيرها من العقود المتعلقة بالشأن العام، وتوفير قنوات الاتصال المباشرة مع المواطنين لتلقي بلاغاتهم المتعلقة بالفساد، والتحقق من صحتها وإحالتها إلى الجهات الرقابية، كل ذلك وأكثر كان من المفروض أن تمارسه «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»، والتي بدأت عملها من مقر هيئة حقوق الإنسان بالرياض منذ خمسة أشهر تقريبا، والآن ستمارسه - إن شاء الله - بشكل أكثر حرفية من موقعها الجديد بحي الغدير والذي أمره يوميا في هذا الشهر الفضيل كلما خرجت من حي الصحافة، ولعل من المصادفة الجميلة أن يكون موقع الهيئة الجديد في هذا الحي الذي يحمل اسما محببا لكل نجدي، إنه «الغدير» وهو الماء الصافي العذب الذي لا يتوفر في صحراء نجد إلا في موسم الربيع بعد سقوط الأمطار، ومن هنا كانت المصادفة الجميلة، فإن هذه الهيئة المباركة ستكون -بحول الله- غديرا مباركا على وطننا الغالي، عندما تحترف - في المستقبل القريب - تجفيف منابع الفساد بكل صوره وأشكاله، ومما سرني -أيضا- أن مباشرة الهيئة في موقعها الجديد كان في هذا الشهر الفضيل «رمضان» الذي هو عنوان مكافحة الفساد على كافة الأصعدة، والأعجب من ذلك أن هذه الهيئة الوليدة، بعد أن أقرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- بدأت عملها قبل فترة بجوار هيئة «حقوق الإنسان»، وهذا يأتي من حسن طالع هذه الهيئة الوليدة، عندما بدأت من جوار «حقوق الإنسان»، وفي ذلك إشارة إلى رسالتها الحقيقية وهي حفظ « الحقوق « من إخطبوط الفساد، ثم الآن تبدأ مستقلة في في مقرها الجديد بحي «الغدير» لتؤكد أنها ستحول مجتمعنا السعودي - بحول الله - إلى غديرا صافيا نقيا من «الفساد»، ولا شك أن طموح المواطن الذي يرجوه من هذه «الهيئة» كان كبيرا جدا ومازال، وقد اختصره بعض المتابعين والمستبشرين بولادتها في أمور منها: القضاء على مشكلة عقود الباطن والتي هي - بحق - مقبرة « المشاريع التنموية «، كما يعلق البعض آمالا عراضا تجاه قضايا الفساد المحورية التي شغلت مجتمعنا طيلة السنوات الماضية مثل قضية المساهمات العقارية المتعثرة سواء كانت لأفراد مستثمرين أومشاريع (عقارية أوسياحية) وقضية الأسهم وغيرها من القضايا المهمة، والسؤال: متى تستطيع الهيئة حل هذه القضايا المحورية وغيرها من القضايا التي تشغل بال الكثيرين من أبناء هذا الوطن الذين فرحوا بولادتها حتى تطهر المجتمع من الفساد والمفسدين أيا كانوا !! وأخيرا.. متى ما تحولت مكافحة الفساد إلى «ثقافة» في المجتمع، ومتى ما وعى المواطن والمقيم على حد سواء حقوقه واكتسب المهارات الحضارية لحفظها والدفاع عنها بل والمطالبة بها عند فقدها - لا سمح الله - هنا وهنا فقط ستنجح هذه الهيئة في تجفيف منابع الفساد والمفسدين، لينعم المواطن ب «حقوقه» على ضفاف «غدير» بل «نبع» صاف ودائم في ربيع العدل والإنصاف.