صديقي.. أظنك تابعت السبت الماضي حفل تقسيم أكبر بلد في أفريقيا الذي شارك فيه العديد من رؤساء وقادة العالم، بصفته الحدث الأقوى والأكثر عدوانية، لأنه شغل بشرا غير السودانيين، مع أن أولئك البشر لهم قضاياهم الخاصة والملحة، لكن تقسيم السودان كان حدثا عدوانيا عليهم فشدهم لمتابعته. أليس غريبا يا صديقي أن يكتشف السوداني وبعد سنوات طويلة، أن وطنه ما هو إلا توأم «سيامي» يحتاج إلى عملية فصل، تمت هذه العملية بنجاح، فيما كان طوال حياته يعتقد أنه جسد واحد؟ هذا الخداع الذي حدث لي كسوداني مسؤول عنه الإعلام العربي الذي كان يحدثنا طوال الوقت عن «الأمة العربية والأمة الإسلامية»، ولم يحدثني عن السودان هل هو جسد واحد أم «توأم سيامي»، أم هو كائن واحد سياسته الداخلية والمركزية حولته لسيامي؟ تابعت أيضا يد رئيس دولة السودان سابقا ورئيس جزء من السودان حاليا «عمر البشير» وهي تلوح لجماهير شعب السودان الجنوبي الشقيق إلى الآن، وتلك الابتسامة الغامضة على شفتيه، كان هذا المشهد يرسل صورا متعددة الرؤية، هل كان يلوح بصفته الرئيس، أم يلوح مودعا، أم يخفي خلف يده التي تلوح وابتسامته الغامضة شعورا بفشل السياسة الداخلية التي يشاهد نتائجها اليوم أمامه؟ شعرت بشيء من التعاطف نحوه كإنسان، لكني في نفس الوقت لا أستطيع تبرئته وإن كان الصراع أقدم من رئاسته إلا أنه لم يفعل شيئا لمنع هذا الجسد من أن يصبح «توأما سياميا». شعرت أيضا بأننا جيل فشل، تحدثنا عن السودان «كسلة غذاء العرب» وفشلنا ، تحدثنا عن كيف نوحد الأمة العربية، فيما نحن لا نعرف كيف نوحد وطنا؟ تحدثنا عن قيمة الوطن، ونسينا المواطن/ الإنسان، لهذا قرر المواطن أن يتخلى عن الوطن ويصنع له وطنا جديدا ربما يليق به. وماذا أيضا ؟ نكمل غدا ..