حسن آل عامر - الوطن السعودية في الوقت الذي كنت فيه منغمسا في قراءة كتاب "القبيلة عجز الأكاديمي ومراوغة المثقف" لمؤلفه الدكتور نعيمان عثمان، مستمتعا بالجرأة العلمية التي حفل بها الكتاب، فوجئت بسيل من الرسائل الإلكترونية وبعض المواقع الأدبية، تتناقل مقالا هجوميا شنه أحد الكتاب السعوديين على روائي آخر، حيث تركز المقال الهجومي على جوانب شخصية تمس سلوك الروائي دون الغوص في إنتاجه الأدبي. ما جعلني أقارن ما ورد في الكتاب والمقال، هو أنهما يطرقان باب النقد ولو بطرق وأساليب متفاوتة تعطي نموذجا واضحا للفرق بين "النقد الشتائمي الشخصي" و"النقد العلمي الموضوعي الجريء" . فالكتاب الذي عمل عليه بجهد أكاديمي ملموس الدكتور نعيمان ، ناقش طروحات أسماء نقدية شهيرة في المملكة وخارجها في مفهوم" القبيلة" ونظرة الناقد لها، حيث يأتي المؤلف بالنص الذي أورده الناقد، ثم يبدأ في تحليله وربما كشف تناقضاته أو ضعفه في المقياس النقدي، دون محاباة لأي اسم نقدي ورد حتى وإن كان هذا الاسم يعد في صفوف الكبار كالغذامي والصويان، فالزملاء في الجامعة وخارجها لم يكونوا في منأى عن مشرط الدكتور نعيمان النقدي الحاد. لكن ومع صرامة وشفافية المنهج النقدي الذي قام عليه الكتاب، لا يمكن أن تجد فيه أي ميول للجوانب الشخصية أو انتقاص من فكر أو سلوك شخصي لأي ممن وردت أسماؤهم ونوقشت طروحاتهم. وفي الوقت نفسه تجد المقال"النقدي" المخصص للهجوم على الروائي وسلوكه في "تسويق نفسه" حسب رأي كاتب المقال، أقرب إلى "النقد الشتائمي" والدخول في دهاليز الأحكام القطعية العامة التي لم تطل الإنتاج الأدبي بقدر ما ركزت على شخص الكاتب. هذا لا يعني أنني لا أؤيد الطرح الشفاف الذي يمس سلوكيات المبدع أو المثقف، بما أنه أصبح ضمير المجتمع والقدوة في كثير من تصرفاته وسلوكياته، ولكن الإكثار من الدخول في تلك القضايا الشخصية، سيؤثر ولا شك على النظرة العامة للثقافة والمثقف، والدليل أن كثيرا ممن تداولوا ذلك المقال،استغلوه في السخرية من الوسط الثقافي، ومن علاقات المثقفين والأدباء ببعضهم، والهمز من قناة أنهم مجرد متصارعين على الأضواء وأن لا فائدة منهم للمجتمع. بل الأطرف أن هناك من يتصيد مثل هذه المناكفات الشخصية ليوظفها في صراع التيارات الفكرية، من خلال تصويره لها بأنها " دليل فراغ وهزيمة الليبراليين" كما كتب أحدهم في رسالة بريد إلكتروني وصلت إلي.