إبراهيم بن سليمان الحيدري - الاقتصادية السعودية عندما تتكلم عن أول بروفيسور بريطاني في القيادة أمضى أكثر من 40 عاماً في البحث والتأليف، وله أكثر من 40 كتاباً في القيادة ترجمت إلى قرابة 20 لغة، فأنت بلا شك تتحدث عن جون أدير John Adair أحد أبرز المنظرين القلائل في علم القيادة. بينما كنت أبحث في موضوع ملامح القائد التطوعي شدني كتاب بالإنجليزية بعنوان "قيادة محمد"، وزاد انجذابي نحوه عندما عرفت أن مؤلفه ليس إلا جون أدير نفسه.. وعندما يتحدث إنسان بهذا الحجم عن القيادة في شخص الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - فإن على المهتمين بالقيادة من المسلمين أن يمنحوا هذا الكتاب بعضا من اهتمامهم. يصدمك المؤلف وهو الإنجليزي غير المسلم عندما يقول إنه "يجب علينا أن نعيش أيامنا كما كان محمد يعيش أيامه"، وعندما يقول "عندما تعيش المبادئ الإسلامية فإن ذلك سيقودك إلى أن تكون قائداً"، فما الذي شد بروفيسور القيادة في شخصية الرسول كي يقول هذه الجملة القوية؟ يرى جون أن النمط القيادي للرسول - صلى الله عليه وسلم - كان فريداً ونادراً، فالرسول - بحسب جون - كان يمثل "القائد القدوة" الذي استحوذ على قلوب أتباعه بمجموعة من الصفات الأساسية لقائد بحجمه، كالصدق والنزاهة والتواضع والعطف. فصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمانته قبل البعثة وبعدها ولدا ثقة عميقة بينه وبين أتباعه، والثقة مطلب ملح لأي نوع من العلاقات البشرية، كما أن تواضعه - عليه الصلاة والسلام - أذاب الحواجز بينه وبينهم. عاش الرسول يومه بين الناس ولم يكن يوما ما فوقهم، كان في متناول الجميع مما مكنه من تكوين علاقات مباشرة مع الجميع قائمة على الحب والعطف. ما يؤكد عليه جون كثيراً أن استقامة وأمانة الرسول هما أبرز ملامح القائد في شخصيته. من جهة أخرى، يرى جون أن سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأدلة على أن الناس لا يولدون قادة بل يتعلمونها، فالتجارب والمهام التي عايشها الرسول نمّت فيه تدريجياً شخصية القائد ابتداءً من عيشه في بدايات حياته في البادية ثم رعيه الغنم وإشرافه على القوافل التجارية. ويحلل جون أدير بهدوء كيف أن رعي الأغنام ما هو إلا تمرين تطبيقي للقيادة. فرعي الأغنام يوفر للشخص بيئة لممارسة الأدوار الثلاثة للقائد، فهو يقود القطيع نحو أهداف واضحة (الماء والكلأ)، ويراعي في الوقت نفسه بقاء القطيع مجتمعاً ومتحداً، كما أنه يعرف أغنامه واحدة واحدة ويمنح كل واحدة منها عناية خاصة. يقول جون إن الذين يقومون بدور قيادي ويفتقرون للاستقامة والنزاهة كالراعي الأعمى، إنهم ليسوا قادة سيئون بل إنهم ليسوا قادة أصلاً. كما أن قيادته للقوافل ألهمته القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة واستشراف المستقبل. عندما أرسلت لجون أدير أشكره على كتابه هذا، رد عليّ مقدراً ومخبراً بأن للكتاب ترجمة بالعربية.