قبل أكثر من ربع قرن عندما تخرجت من الثانوية العامة، أتذكر كم كنا نحلم بأن تقبلنا الخطوط السعودية ملاحين جويين أو موظفين أرضيين، أما أن تكون طيارا على متن إحدى طائرات الخطوط فهذا يعني أن دعوات الوالدة جميعها استجيبت «وانفتحت لك طاقة القدر»، كانت رواتب موظفي الخطوط بمثابة الحلم الذي سيبني حياة أي منا، وكان القبول في الجامعة وقتها أسهل من الآن بكثير وحتى الكليات العسكرية، ولكن الصعوبة الحقيقية كانت تتمثل في إيجاد واسطة تمكنك من اقتحام صرح الخطوط السعودية. وبعد مضي كل هذه السنوات ما الذي حدث؟! لماذا أصبح موظفو الخطوط أنفسهم أكثر من يشكو منها ويشكوها؟! لماذا أصبح استقدام الطيارين من بنغلاديش أفضل من أبناء البلد الذين تبددت أحلامهم على عتبات الخطوط، وبدل أن يتفرغوا للإنتاج تفرغوا لمطالبة الخطوط وإقامة الدعاوى عليها في ديوان المظالم؟! أصبح الشيك الذهبي حلما يراود موظفي الخطوط للفكاك منها فقط!! هناك خطأ ما جسيم، لم يعد خفيا وبات على لسان الجميع ليس في قطاع الموارد البشرية وحسب، بل في كل قطاعات الخطوط من الصيانة إلى التموين إلى الخدمات الأرضية ومعاملة الجمهور التي لا يمكن وصفها بغير الرديئة؛ لأننا جميعا نعاني منها ونكتوي بنارها وجحيم الانتظار في صالات المطارات!!. كانت الخطوط السعودية أنموذجا يحتذى للشركات العالمية الرائدة التي تبهجنا دائما بحصد الجوائز العالمية في السلامة والخدمات، وتفرغت الآن للرد على الانتقادات الموجهة لها بتبريرات لا ترتقي لما يطمح إليه عملاؤها!!. كنا نقول لا بد من منافس لترتقي الخطوط بخدماتها، فجئنا بمنافسين وليس واحدا، ولكن الخطوط السعودية نجحت بامتياز في «قصقصة جنحانها»، فأفلس منافس ويبدو أن الآخر في الطريق!!. ما الذي يحدث في الخطوط؟ وإلى متى سيستمر، بينما نرى الشركات العربية والعالمية الأخرى تحقق قفزات نوعية في كل المجالات؟. وهل يعتقد المسؤولون في الخطوط أن حرمان ركاب طائرات الخطوط من قراءة «عكاظ» سيحجب حقيقة ما يدور في أروقتها عن المسؤولين والناس، وأن سياسة «قصقصة الأجنحة التي مارستها مع شركات الطيران الاقتصادي، أو مع موظفيها الذين أصبحوا «غلابه» بعد أن كان لبس بدلاتهم حلما عصيا علينا، ستنفع لحجب الآراء النقدية الموجهة لها؟!»؟ بالتأكيد لن تنجح لأن «الشمس لا تحجب بغربال» وما هكذا تورد الإبل.