محمد بن عيسى الكنعان - الجزيرة السعودية نشر مركز بيو للأبحاث (مؤسسة أمريكية) في السابع عشر من شهر مايو 2011م نتيجة استطلاعات الرأي عن صورة الولاياتالمتحدةالأمريكية في الوطن العربي والعالم الإسلامي، حيث جاءت النتائج مخيبة للآمال.... ومؤكدة فشل الإدارة الأمريكية الحالية في تلميع صورتها، التي لازالت شائبة بفعل سياسة البيت الأبيض السابقة، فلقد بقيت هذه الصورة سلبية في دول عربية وإسلامية، كما تراجعت بشكل كبير في دول أخرى. لن أستعرض النسب المئوية التي تعبر عن النتائج السلبية لتلك الصورة، التي ركزت على دول ذات أغلبية مسلمة أو كبرى أو دول تتمتع حكوماتها بعلاقات قوية مع الولاياتالمتحدة، إنما سأقتصر على استعراض أسباب الإخفاق الأمريكي في إقناع المواطن العربي أو الإنسان المسلم أن بلاده يمكن أن تكون صديقة حقيقية لعالمه الإسلامي الكبير، ما يكشف عن حجم التخبط الأمريكي المستمر في سياساته بالمنطقة، وأن الحكومة الأمريكية لا زالت تقرأ الواقع بطريقة المصالح التي تمر عبر الكنيست اليهودي، وتتعامل مع الوطن العربي بعقلية الكاوبوي. أبرز هذه الأسباب هي حالة التوافق التام بين المصالح الأمريكية والمصالح الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية والعربية، خاصة ً في ظل عجز أمريكي عن كبح جماع الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بشأن المستوطنات التي زادت في عهد أوباما رغم ما قاله في خطابه للعالم الإسلامي ضد هذه المستوطنات، الأمر الذي زاد من معدل فقدان الثقة في الرئيس الأمريكي الحالي الذي يجيد الكلام أكثر من الأفعال، ناهيك عن ملفات القدس وحق العودة وغيرها. السبب الثاني يكمن في استمرار السياسة الأمريكية بخصوص احتلال العراق وأفغانستان، خصوصاً أن الواقع كشف حجم التغلغل الإيراني في العراق بسبب الإدارة الأمريكية، ما انعكس سلباً على استقرار المنطقة، كما أن هناك تقارير دولية تشير إلى محاولات أمريكية لفتح قنوات اتصال مع حركة طالبان مع ورود أخبار بانسحابات قادمة لكثير من قوات التحالف الدولي في أفغانستان، ما يعطي انطباعاً أن مبررات الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان أشبه بالكذب السياسي الذي يخفي أطماعاً استعمارية، وليس بدعوى تقرير الحقوق الإنسانية وإشاعة القيم الحضارية. أما أحدث الأسباب الجلية التي تبرهن على تردي الصورة الأمريكية وعدم تحسنها رغم حلاوة عبارات أوباما خلافاً لسلفه بوش، فتتمثل في الموقف الأمريكي المتردد من الثورات العربية وكأنه يعيش في جزيرة معزولة، فلقد بدأ من الوهلة الأولى أنه يقوم على رد الفعل بدلالة التخبط في التصاريح الإعلامية للقادة الأمريكان، المعبرة عن الموقف السياسي الأمريكي العام، وهو موقف متناقض تماماً بالنسبة لحقيقة علاقات الإدارة الأمريكية بحكومات الدول التي قامت بها تلك الثورات، وبالذات في مصر حيث كان الرئيس المصري السابق حسني مبارك أحد أبرز الحلفاء العرب للبيت الأبيض، فضلاً عن موقف هذه الإدارة من أحداث البحرين، أو موقفها الضعيف إزاء ما جرى ويجري في ليبيا، فالقذافي لا يختلف عن صدام. إن الفرص التي تفوتها إدارة باراك أوباما تجعل صورة أمريكا السلبية ثابتة في العقلية العربية بينما الرؤساء يتغيرون.