ليست المرة الأولى التي نسمع أو نقرأ فيها عن قيام سائق بإقامة علاقة غير مشروعة مع كفيلته أو مع زوجة كفيله أو ابنته، أو اغتصاب إحداهن، وربما لن تكون الأخيرة. لا غنى لمعظم الأسر السعودية عن السائق أو الخادمة، خاصة الأسر الكبيرة التعداد، أو التي يرتبط فيها الأب أو الأم بعمل. ولم تعد جرائم العمالة الوافدة سرا، ولم يعد الحديث عنها منطقة شائكة عصية على التداول أو الكتابة، أتذكر قبل ما يزيد على 12 عاما كتب أحدهم عن ظاهرة السائقين الآسيويين وعلاقاتهم المشبوهة وغير المشروعة بنساء العائلات الذين يعملون لديهم في بلادنا، وقامت الدنيا ولم تقعد وقتها ورفعت دعوى حسبة ضده تبناها الراحل طلال العبدالعزيز الرشيد (رحمه الله) وكتبت عنه هجوما استمر لأشهر مستغربا كيف تجرأ على أن يتهم مجتمعنا بهذه التهمة الخطيرة، وبعد مرور كل هذه السنوات أثبتت الأيام أن المشكلة قائمة ولم يتغير شيء عدا الحرية في الحديث عنها وتشريحها. سيدة أعمال اغتصبها سائقها، تزامن الحدث مع إطلاق سراح المهندسة منال مسعود الشريف (سائقة الخبر)، حدثان لا علاقة لهما ببعضهما في الظاهر، إلا أنهما مرتبطان ارتباطا وثيقا في عمق القضية مثار الجدل في بلادنا. لن أخوض في مسألة حرمة أو جواز قيادة المرأة للسيارة، فهذا أمر منوط برجال الإفتاء، وبقرار ولي الأمر الذي أكد غير مرة أنه قرار مجتمعي وأن دور الدولة يقتصر على توفير الأنظمة والبيئة المناسبة لتطبيقه متى ما أقره المجتمع. ولكن هل كانت منال الشريف على حق عندما قررت قيادة سيارتها؟ من وجهة نظري الخاصة، لا أعتقد أنها كانت على حق؛ لأنها خالفت النظام العام المعمول به في البلاد، ولا يعني أن ولي الأمر بقوله إنه قرار مجتمعي أن نقوم به فرادى، بل يجب أن نجمع عليه أو نقره بالأغلبية لتتبناه الدولة ويصبح نافذا. ما كتب عن قيادة المرأة للسيارة كثير جدا ولم يبق لأحد ما يكتبه بعد ذلك، إلا أن حادثة الاغتصاب التي تعرضت لها سيدة الأعمال من سائقها إن صحت تقرع جرس الإنذار بقوة، وتسلط الضوء على الجزء الأخطر من المشكلة، وتطرح عدة أسئلة: هل تخوفنا من خوض التجربة في محله؟ لماذا لم يحدث ما نخشاه من قيادة المرأة في البحرين والإمارات والكويت وقطر وعمان؟ أليست هذه المجتمعات خليجية لها نفس ملامحنا وعاداتنا وتقاليدنا وعقيدتنا؟ خاضوا التجربة التي نخشاها ونجحوا في تجاوز كل العوائق، فلماذا نغلق شبابيكنا قبل دخول الضوء ثم نشكو من الظلام؟