د. عبد العزيز بن عبد الله الخضيري - الاقتصادية السعودية الأحداث مهما كبرت أو صغرت تبرز معها الأنفس وميولها وتوجهاتها وسلوكها وأخلاقها ويحافظ كبار النفس بنفوسهم كبيرة بعيدا عن السفه والخطأ وتصيد الأخطاء وتجاوز الحقيقة وتبقي المساحة والمسافة والميدان للأنفس الضعيفة والحاقدة والمستغلة للقيام باستغلال ذلك وتصفية الحساب أو ربما الحسابات والأحداث العالمية والمحلية والعلاقة الاجتماعية والعملية، تبرز ذلك جليا المواقف وتنوعها، وأصحاب الضمائر المتقلبة والمصالح المتغيرة تستمر أخلاقهم متقلبة حسب مصالحهم الخاصة دون قيم أو مبادئ توجهها أو تردعها عن التغير والتقلب في المواقف. ولهذا فإن العمل والإصلاح وفقا لتغير المواقف والمصالح يجعل الفجوة كبيرة بين القدرة على الإصلاح ومقاومة أصحاب المصالح الخاصة التي تحرك كل الوسائل والإمكانات لمحاربة الإصلاح والتطوير، ولهذا لا يمكن لأي إنسان صادق في عمله ومخلص في أدائه وواضح في عطائه وغير مجامل في ذلك ويقف موقف الحق لأداء الحق إلا ويتعرض للنقد والتجريح، خصوصا من أصحاب المصالح الخاصة الذين لا يرون ولا يريدون إلا مصالحهم، هذه المصالح سواء كانت مادية أو معنوية أو مكانة إدارية أو اجتماعية. وعندما يكون العطاء متميزا والفكر خلاقا فإنه يضيف أعداء من نوع آخر، هم أعداء النجاح والتميز، أو ما يسمون الغيورين من حسن الأداء وصدق الطرح وصلابة المواقف وعدم المجاملة في الحق أو الخوف من تهديد أو محاولة تشهير كاذبة أو فرية ملفقة أو دسائس باطلة. إن الوقوع بين ثلاثية أصحاب الفكر الخاص والأوحد وأصحاب المصالح الخاصة الفاسدة وأصحاب الأنفس المريضة بالحسد والغيرة يجعل منهم أعداء العمل والإبداع والتطوير والإصلاح واتحادهم للدفاع عن مصالحهم الفكرية أو المادية أو الجسدية هو اتحاد لمحاولة تهميش الآخرين وجهودهم وعطائهم. لقد تأملت هذه الثلاثية وما تحاول تحقيقه من تدمير للوطن ومصالحه ومحاولاتها لتحريك الركن الرابع ومعادلة الفساد وهم المغيبون عن الحقيقة وربما الباحثون عن الشهرة أو المال ومحاولة تجنيدهم لمصالحهم على أساس أن أصحاب هذا المثل يؤمنون بأن كل مسؤول مهما كبر أو صغر في مكانه الوظيفي أو الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي له دية كما يسمونها ويقصدون بذلك ثمنا، أي أن له مصلحة وأنهم الأقدر على تحقيقها، وعلى هذا الأساس لا يقف في وجههم أي أحد مهما كان، وأنهم أقدر على الاختراق بالحق أو الباطل بالصدق أو الكذب، ولهذا يعتقدون أنهم الأقوى والأجرأ والأقدر على الوصول إلى صاحب أو أصحاب القرار وتوجيهه وتحريك القرار بما يخدم مصالحهم مستغلين في ذلك الوسائل المشروعة وغير المشروعة، يساعدهم على ذلك غياب الرقابة الحقيقية السباقة في معرفة الحال وصدق الطرح والإنجاز، ومعرفتهم أن الرقابة رقابة معدومة، وإن وجدت، فهي ضعيفة وغير قادرة على مراقبة الأمور والعطاء والعمل الرقابة الإيجابية. تأملت ذلك كله وما يقابله اليوم من حراك عالمي وعربي وسقوط وجوه لم يكن أحد يحلم مجرد حلم أن يراهم فيما هم فيه اليوم، وكيف أن من كان على الحق والعمل الجاد والعطاء الصادق غير المراوغ أو المستغل لم تغيره تلك المتغيرات عن موقفه وواقعه ووجهة نظره ولم يكن مع المتلونين والمتغيرين والمتقلبين الذين إذا مالت الأمور مالوا معها إن خيرا فخير وإن شرا فشر. إن الإصرار على التطوير والتغيير واحترام النظام وتطبيقه ومتابعة الأداء وتقويمه وعدم مجاملة أي كائن من كان في ذلك هي الطريق السليم الموصل للإنجاز وتقدير الآخرين مهما حاول المفسدون وأتباعهم وأصحاب المصالح الخاصة وأعوانهم ومستغلو الأنظمة ومحرفو القرارات ومشوهوها والمرجفون في المدينة وأتباعهم من إيجاد المعوقات وزرع الألغام والأكاذيب ومحاولة تشويه العطاء أن يفعلوه من محاولات يائسة حتى إن حققوا شيئا من تلك المحاولات فإنهم سيخسرون في النهاية ويبقى البقاء الأصلح للأصلح والعطاء المتميز مع المتميزين والجهود المباركة مقدرة من أهل الفكر والعطاء المتميز مهما قل عددهم وخفت صوتهم فإنهم بإذن الله الأقدر على ذلك، ولهذا من يملك صفات العطاء الصادق والعمل المتميز والرؤية الواضحة والإدارة الحازمة والإرادة القوية ألا يلتفت إلى المرجفين مهما كان موقعهم الاجتماعي أو الوظيفي أو المالي أو الإعلامي وألا تخذلك يا محمد وسعد تلك الأصوات والتصرفات والسلوك المريض ويجب الاستمرار في تحقيق العطاء والتطوير وتحقيق حلم التميز السعودي بالانتماء والإسلامي بالمعتقد والعالمي بالطموح والله الموفق. وقفة تأمل: أصادق نفس المرء من قبل جسمه وأعرفها في فعله والتكلم وأحلم عن خلي وأعلم أنه متى أجرّه حلما على الجهل يندم