أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير، أن الأمة متى تقاعست عن تدارك أخطائها وأهملت في معالجات مشكلاتها خسرت أمنها واستقرارها ووقعت في أزمات وتحديات وفوضى ومواجهات لا تحمد عقباها ولا يعرف منتهاها. وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد النبوي أمس، أن المؤمن مهما تفاقم الشر وتراقى الخطر والضر، فإنه يعلم أن ما قضي كائن وما قدر واجب، وما سطر منتظر، وما شاء الله يكون وما يحكم به الله يحق، لا رافع لما وضع ولا واضع لما رفع ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وما شاء ربنا صنع فلا محيص عن القدر المقدور ولا راد للأمر المسطور، مبينا أن الأمم تتقلب في أطوار وأطباق ما بين عزة وذلة وكثرة وقلة وغنى وفقر وعلم وصناعة، وجهل وإضاعة وأحوال متقلبة مشاعة «الأمة الواعية مهما عانت من ضراء أو عالجت من بلاء أو كابدت من كيد أعداء، فإنها سرعان ما تفيق من غفلتها وتصحو من رقدتها وتقوم من نكبتها، فتقيم المائل وتقوم الحائد وترتق الفتق وترقع الوهى والخرق، لتعود عزيزة الجانب لا يتجاسر عليها غادر ولا ينالها عدو ماكر». وذكر البدير أن الأمة اليوم تمر بأحرج مواقفها وأصعب ظروفها وأشد خطوبها، والعنف يتفجر في أراضيها والفتن تدور في نواحيها تشتت نظامها «متى ما تفرقت الأهواء وتباينت الآراء وتنافرت القلوب، واختلفت الألسن وقع الخطر بأكمله وجثم العدو بكلكله»، مؤكدا أنه على الأمة أن تعيد صياغة الحياة في بلادها وفق رسالة الإسلام، وأن تسعى لإصلاح أوضاعها إصلاحا شاملا كاملا عقديا وأخلاقيا وسلوكيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، حتى لا تتحول جهودها في مواجهة التحديات والمؤامرات سلسلة من الذل والإحباطات والصدمات والانتكاسات. وقال إن الإصلاح الصادق ليس إصلاحا تحركه بواعث وقتية أو ملابسات ظرفية، وإنما هو إصلاح صادر عن إيمان راسخ وعقيدة صادقة واستشعار بعظمة الواجب وأمانة المسؤولية يوم يسأل الله كل عبد عما استرعاه أدى أم تعدى، كما أنه على الأمة وهي تتلمس معالم الإصلاح ومنهجه ومقوماته وأسسه ووسائله أن تعرض أوضاعها الحاضرة وحياتها المعاصرة على نصوص الكتاب والسنة، لأنها الميزان الحق والمقياس الصدق على تقدم الأمم وتأخرها وزينها وشينها وصوابها وخطئها.