وتواصلاً مع ما كتبت بالأمس (نحن وإيران) يطرح أحد الإخوة الكرام الذي سمى نفسه (شيعي من الشرقية) هذا التعقيب: أرجو ألا تعاملوني على طائفتي أو مذهبي فهذا وطني الذي أحببت وحملت له انتمائي وجذوري...إلخ). والجملة السابقة من الأخ الكريم تنضح بحساسية أرجو أن يتنبه لها وأن يدرك أنه لا وجود لها إلا في مراتع ومعاقل الأقلية المتطرفة من الجانبين في المذهبين. ومع أنه يصعب إلغاء حساسية الأقلية إلا أن عليها أن تدرك الصورة المقابلة: الأقلية النادرة من مجمل – الشيعة – العريضة التي قد تتحرك بخطوط إيرانية، هي مثل الأقلية النادرة من مجمل السنة التي تحركت في شوارعنا ومجتمعنا وفق الأجندة الطالبانية. الأول ينتظر تعليمات – خامنئي – والثاني ينتظر بيانات الملا محمد عمر وأسامة بن لادن. وكلا الفريقين فشلا بالبراهين في شق اللحمة الوطنية مثلما فشلت مشاريعهم أن تجد لها أي – قاعدة – في طريقة المذهبين والطائفتين. وحين كتبت كل النخب الدينية والثقافية عن المشروع الطالباني لسنوات لم يشعر أحد من سواد السنة أنه المستهدف بالتشكيك في انتمائه الوطني أو ميوله الفكري، وحين نكتب أيضا لأيام عن التدخل الإيراني الأخير في شؤوننا الداخلية فإن هذا لا يعني أبداً أبداً أي تشكيك في انتماءات الأقلية الشيعية إلى هذا الوطن أو صدعا في ميولهم الفكرية. الشيعي من الشرقية مثله مثل السني من الباحة أو الرس، والمسطرة التي تحكم الجميع هي مسطرة الانتماء الوطني. لماذا لم تشعر الأكثرية السنية بالاستهداف حين كان الحديث لسنوات طويلة ومازال عن تصدير العنف الطالباني؟ ولماذا أيضاً في المقابل لم يشعر بهذا الاستهداف إلا أصحاب المخططات من منظري هذا الفكر الطالباني؟ الحديث عن إيران لا يعني أبداً شيعة الداخل مثلما الحديث عن طالبان لا يعني استهداف السنة. لماذا لا تنظر أخي (شيعي من الشرقية) إلى أن الأمن الاجتماعي والوطني الشامل قد استلزم القبض على (5080) فرداً من إخوانك في المذهب السني في الحرب الوطنية الشاملة على فلول الإرهاب وجل هؤلاء قد يكون لهم ولاء طالباني؟ ولماذا في المقابل قد يظن أحد أن ذات المجتمع قد يتغاضى أو يسكت عن – المقابل – أن ثبت لهم ولاء إيراني رغم الحقيقة التي لن ينكرها عاقل أن الشيعة من هؤلاء ما بين الطرفين لا تقارن حتى بنسبة تمثيلهم السكاني. أقدر تماما حساسية الأقلية ولكنني أدعو إلى وضعها على المعيار والموضوعية والأرقام والحقائق مع الأكثرية حتى تتضح الصورة.