مشكلة بريدة، أن أهلها أحبوها، وتآلفوا مع جمالها، فكبرت كثيرا وهم لا يدرون، فهي أكبر مدن المنطقة الوسطى بعد الرياض، ومركز الدائرة الذي تتقاطع فيه الطرق، والأفكار، ولا يكاد يخبرك عنها سوى عدد من الصحف الإلكترونية الجيدة، التي يقرأها الناس كل صباح قبل الذهاب للعمل، ورغم اتساعها، وكثرة سكانها فإنه إلى الآن لا توجد بها صحيفة مطبوعة تغطي النشاط الاقتصادي المتعاظم للمدينة بحجمها الجديد. ومع أنها مدينتي الأم، فعندما آتيها أنبهر بجمال البيئة المحيطة وهدوئها، ونظافتها، فأبدأ بتصوير تزاوج كثبان الرمال مع الخضرة، والنخيل في الأودية الغائرة التي شقها وادي الرمة عندما كان نهرا جاريا في العصور السحيقة، ومؤخرا أقمت في بريده لأكثر من نصف عام لظروف خاصة، فتأكدت من شيء واحد هو أن بريدة كبرت جدا دون أن يدري أهلها، وأن ألفتهم معها لا تجعلهم يفكرون بمشكلتها في البنية التحتية، مع أنه لا بد لي من الإشادة برجل القصيم الأول، صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز.. في خلق روح جميلة بين الناس لتطوير المدينة، والتواصل معهما مباشرة في هذا الشأن، حتى أني فوجئت بكثير من الذين يدعونني لصحبتهم لمجلس الأمير الذي فتح بابه للناس للحديث في شؤون المدينة. من تحدثت إليهم يشكرون للأمير هذه الروح الهادفة لتطوير المدينة بالتعاون مع كل جهاتها الحكومية، بل علمت أن بابه مفتوح شأن منطقة القصيم بعامة وقاعدتها بريدة، وأنه يدخل بالتفاصيل في كل كبيرة وصغيرة عن منطقة القصيم. هذه المدينة مزدهرة اقتصاديا، بشكل يفوق التصور، وحضاريا بطبيعتها التجارية المنفتحة، والأهم تنوعها الثقافي والاجتماعي الذي اشتهرت به، بصفتها مدينة تقاطع كل الطرق منذ القدم، وهي المركز التجاري لمعظم مدن وقرى القصيم، لكن قراءتي لها من الداخل جعلتني أتساءل عن التخطيط المستقبلي لهذه المدينة، والإنجاز في بنيتها التحتية التي قد لا تتحمل مزيدا من النمو في وضعها الحالي دون مزيد من التطوير. وبالذات الطرق المحلية، فتقاطع الطرق السريعة المتمثل في طريقي الملك عبد الله، وطريق الملك فهد، اللذين يربطانها شمالا وجنوبا بالطريق الدائري السريع (الطريقان تحت الإنشاء) هما فعلا طريقان كافيان، لكن المشكلة تأتي من روافدهما الداخلية التي يبقى أكثرها جميلا جدا، ولكن دون تنظيم أو تشكيل مروري، فبريدة مدينة منفتحة من مدن الصحراء، لا تعوقها جبال أو عوائق، ومن السهل جعل المرور سهلا بطرق غير أسلوب الدوارات القديمة الصغيرة التي مر عليها ربع قرن، وأصبحت تؤذي نظم الحركة وتسبب كثيرا من الاختناقات، وكذلك الإشارات الضوئية المتقاربة جدا، فالمدينة من هذا تحتاج إلى جهد مضاعف من أمانة منطقة القصيم، لتحسين روافد الطرق السريعة المنجزة، أو تلك التي يجري بناؤها الآن، فبدون هندسة مرورية مناسبة في تسهيل مرور وسط المدينة لن تؤدي الطرق السريعة دورها، وستأتيها الاختناقات من روافدها ومساربها من الشوارع. بريدة حظيت بكثير من التنمية في خطط التنمية السابقة، ولكنها تريد المزيد، فهي مدينة الوسط الثانية، نشاطها الاقتصادي، بل كونها محطة الالتقاء لخطوط السكك الحديدة بحكم موقعها سيترتب عليه حاجات جديدة لهذه المدينة لا يمكن وصفها بمقال قصير، لكن مخططي المدينة بلا شك قادرون عليها، ولكني من جديد أرجوا أن لا يتعود أهل بريده على جمالها، وينسوا مستقبلها الذي قد يأتي بمشاكل يصعب علاجها.