سعد بن جمهور السهيمي - الاقتصادية السعودية لم يترك ديننا الحنيف شاردة ولا واردة إلا وكانت له بصمته عليها، بل ووضع لها الحلول المقنعة لكل لبيب، ولهذا لم يكن مفاجئا لكل مسلم فطن في أهمية تعدد الزوجات لمن كان قادرا وراغبا في ذلك بالشروط والضوابط الشرعية التي أشار إليها الشارع الحكيم في سورة النساء في قوله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا)، وذكر أن عروة بن الزبير سأل عائشة رضي الله عنها عن تفسير الآية فقالت: هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها، فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء، فذلك الخوف المشار إليه في الآية الكريمة مبناه على غلبة الظن، فمن غلب على ظنه أنه لن يعدل في شأن اليتيمة التي في حجره فليبتغِ الطيب الحلال من النساء مما سوى هذه اليتيمة مثنى وثلاث ورباع. لأن معنى قوله تعالى (فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) إن خفتم ألا تعدلوا في أمر اليتامى، ومعلوم أن القسط في الآية هو العدل، ولعل ما جعلني أتطرق لقضية تعدد الزوجات ما أظهرته دراسة أمريكية تقول: «إن تعدد الزيجات جيد للرجال، وإنما ليس للنساء، بمعنى أنه كلما زاد عدد الزوجات حصل الرجل على أطفال أكثر، ولكن كل زوجة تنجب عدداً أقل». ونقل موقع ""لايف ساينس"" الأمريكي عن معد الدراسة (مايكل وايد) من جامعة ""إنديان""، قوله إن بحثاً أجراه مع زملاء له لتحديد آثار تعدد الزيجات، أظهر أن الرجال الذين يتزوجون عدة نساء ينجبون عشرات الأطفال، لكن لهذا الأمر تأثيراً معاكساً على النساء، بحيث إنه مع كل امرأة تنضم إلى العائلة يتراجع معدل الأولاد لكل زوجة ولداً واحداً. الدراسة رد على هؤلاء فحوى الدراسة السابقة يتمثل في اعتراف بأهمية التعدد للرجل لكن في الجانب الآخر ليس فيها ضرر على المرأة، لأن التعدد يحمي المرأة من الانزلاق والوقوع في الحرام، ويقلل من حالات العنوسة في المجتمعات، والمصطفى صلى الله عليه وسلم أكد أهمية التعدد ودوره في إكثار النسل بالنسبة للمسلمين (تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)، ومع أهمية التعدد في حياة المسلمين، فإن هناك سلبيات تعود للأشخاص، وليس لهذا التشريع، وتكمن في التصرفات الفردية من بعض المعددين بعدم قيامهم بواجباتهم التي أمر الله بها تجاه جميع الزوجات، فلا يعدلون بينهن، وليس المقصود العدل القلبي، إنما العدل في النفقة والتعامل مع المرأة، وكذلك الاهتمام بالأبناء مفقود لدى بعض الأزواج، حيث يتركونهم دون تربية ولا متابعة، وبعضهم يصل عددهم ما شاء الله إلى 30، لكنهم يعيشون مآسي في حياتهم، وفي المقابل هناك أسر لديهم أعداد مماثلة، لكنهم قمة في التربية والاهتمام من قبل والدهم، ودون شك أن الأسلوب السيئ في التربية له انعكاس سلبي على حياتهم، فينحرفون عن جادة الصواب، فينبغي لبعض المعددين أن يهتم بتلك الجوانب التي يسهم الاعتناء بها جميعا بإذن الله في تحقيق النجاح الباهر في الدنيا والآخرة.