لوحظ في الفترة الأخيرة أن أغلب مجالسنا أصبحت لا تخلو من الكلام عن التعدد في الزواج، ولو نظرنا إلى موضوع التعدد نفسه فسنجده من أكثر القضايا إثارة للجدل بين الرجال والنساء، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن التطبيق السيئ من الأفراد هو السبب الرئيس في تزايد حدته بين الناس، ويرى كثير من الناس أن المشكلة ليست في التعدد ذاته، بل تكمن في أن بعض الرجال يميلون إلى الزواج بأكثر من واحدة لأسباب متعددة بعضها شخصي وبعضها عام، وتتباين الأفكار والتصورات بخصوص قضية تعدد الزوجات من الجوانب القانونية والاجتماعية والثقافية؛ فهناك كثير من العوامل التي تدخل في هذا الشأن، منها طبيعة المهنة التي يمارسها الرجل أو المرأة، وأوضح صالح الريمي أن دوافع التعدد كثيرة؛ فهناك من يبحث عن ذرية تملأ البيت بهجة ومرحا، وهناك من يرى المستقبل في عيون أبنائه، وثمة من يبحث عن مولود ذكر أو أن زوجته لا تنجب أصلا، أو يطمح إلى زوجة ثانية تعمل لتعينه على مصاعب الحياة أو رغبة في الدخول في عش جديد، وهناك من يرى أن التعدد يأتي بسبب وجود عيب في المرأة من عدم إنجاب أو عيوب أخرى، ولكن للأسف هذا المنطق يعد إساءة إلى المرأة وللتعدد، باعتبار أن الحكم فيه أبعد من ذلك بكثير؛ فهو حماية وحق للمرأة قبل الرجل؛ لذلك يجب أن نرسِّخ لأن يكون التعدد أكبر من هذه المعاني الضيقة، وليس بمعنى أن يعدد الرجل من أجل شهوته، والتعدد هو أن يقضي المسلم والمسلمة على مرض الأنانية والبخل المتفشيين في مجتمعاتنا الحالية، وإذا فهمنا التعدد بالأسلوب الصحيح عرفنا قدر ديننا حقا، لقد سألني أحد أصدقائي ماذا تفعل الزوجة الحزينة حينما يتزوج زوجها عليها وقد خلقها اللّه مفطورة على الغيرة؟ فأجبته بأسئلة أخرى: هل توجد شريعة تزعم أنها تستطيع تحقيق السعادة الكاملة على الأرض؟ وفيم كان اليوم الآخر إذن؟ ولماذا نتحدث عن تعاسة الزوجات بهذا السبب فحسب؟ ماذا عن تعاسة امرأة قبيحة؟ مشلولة؟ مريضة؟ مكتئبة؟ ماذا عن هؤلاء؟ ولقد سمعت أحد دعاة الإسلام قال: "الإسلام لم يُنشئ التعدد، وإنما حدَّده، ولم يأمر بالتعدد على سبيل الوجوب، وإنما رخّص فيه وقيّده؛ فاللّه لم يشرع التعدد عبثا بل شرعه لعباده لحكمة ومصلحة وليس رخصة يُلجأ إليها عند الضرورة أو الحاجة؛ ولذا قال سبحانه: (وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلاَ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَ تَعُولُواْ). يا هؤلاء يجب أن نقيم تقييما صحيحا للتعدد، والمؤكد أن مجتمعاتنا تحتاج إلى تربية من جديد.