ما يجري في مملكة البحرين يختلف عن الحال التي مرت بها تونس ومصر وما يجري الآن في ليبيا. صحيح أن بعض المطالب متشابهة، والمحتجين يستخدمون الأدوات ذاتها، لكن مشكلة البحرين تنطوي على بعد مذهبي خطير. هذا الجانب كان أساس المشكلة وجوهرها، وهو ربما أعطى أحداث البحرين بعداً إقليمياً يُضعِف موقف المعارضة ويشوّه صورتها، ويصعِّب الحل على الحكومة، ويجعلها في وضع لا تُحسد عليه... فضلاً عن ان النظام السياسي وقع في خطأ كبير، فهو يشكو من الاعتصام في الشارع، ويحتكم إليه في آن. فالبحرين اليوم أصبحت منقسمة، تشهد اعتصامين بلونين مذهبيَّين، وعوضاً عن إعطاء المشكلة صورة وطنية، انساق النظام الى أسلوب المعارضة، وصعَّد الانقسام بتحريك تظاهرة مضادة. ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة دعا إلى فتح حوار مع المعارضة البحرينية من دون شروط مسبقة. وهو أمَرَ بسحب الجيش، وتحدث عن طرق توزيع التنمية لترتكز على التطوير السياسي والعدالة وتعزيز الوضع الاقتصادي، وأفرج عن سجناء سياسيين. وهذه الإجراءات حققت مطالب المعارضة والتي طُرحت في بداية الاحتجاج، لكن المعارضة رفعت سقف مطالبها قبل الجلوس الى طاولة الحوار، وطالبت بتنحي رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الذي يشغل منصبه منذ أربعين سنة، وبتغيير نظام المملكة الى «ملكية دستورية»، تضمن ان تكون الحكومة منتخبة من الشعب. لا شك في أن الوضع في البحرين يتأزم، والصدام الذي نُزِع فتيله، ما زال مطروحاً، والحل يتطلب تنازلات، من الطرفين. ولعل تشكيل وزارة جديدة، بدماء شابة من كل الفئات، وترك قضية نظام المملكة لطاولة الحوار، بداية صحيحة للخروج من نفق الاحتقان. الأكيد أن إصرار المعارضة الشيعية على معاودة تشكيل النظام الملكي في دولة البحرين، سيفقدها تعاطف القوى المعارضة من التيارات الأخرى، فضلاً عن أن فرض شروط بهذا المستوى وبقوة الشارع والاعتصام، سيُدخِل البلد في أزمة لا أحد يستطيع أن يتكهن بنهايتها. البحرين لا تحتمل هذا العناد، وهي تقع في منطقة لا تسمح بتغييرات متسارعة على هذا المستوى. لهذا فإن القبول بالحوار أولاً، هو الحل الوطني الذي ينتظره الجميع.