من الواضح أن الجمهور ينتظر أي جديد بخصوص أحداث جدة. ولأن تحقيقات الكارثة الأولى لم يعلن عنها أي شيء، فمن الطبيعي ألا يسمع الجمهور أية نتيجة عن الكارثة الثانية. رغم التوجيهات المباشرة في تحقيق العدالة. هنا، يذهب السؤال إلى السبب وراء البطء في تحقيق العدالة المنشودة. لماذا لم تخرج إلى العلن أية نتيجة من التحقيقات، سوى القول إن "الادعاء العام" ينظر في الملف؟ وللوصول إلى الإجابة، قد نحتاج إلى فهم شيء آخر من صلب القضية، وهو تكرار الكارثة، رغم تأكيد المسؤولين في منطقة مكةالمكرمة على تصحيح أخطاء العام الماضي، والتعهد بعدم غرق مدينة جدة مرة أخرى. غرقت المدينة مرة أخرى، ودخلت البلاد في دوامة جديدة من الندب والصياح على الفساد، ورفعت الأصوات عالياً تنادي بمحاسبة المسؤولين عن الكارثتين. لكنّ فعلاً واحداً لم ير النور حتى الآن، مع التأكيد على إيقاف مجموعة من المتهمين بما حدث. لذا يمكن للمواطن فهم لغة خطاب الملك عبدالله بعد الكارثة الثانية. ما يحتاجه المواطن اليوم، أن يسمع الأخبار المباشرة عن كل ما جرى في مدينة جدة، عن الكارثة الأولى، وعن الكارثة الثانية، وعن الجدول الزمني الواضح والمحدد لتصحيح الأخطاء، ولضمان عدم تكرار ما جرى في المرتين السابقتين. وربما استبشر المواطن خيراً في دخول شركة أرامكو على الخط، وتوليها إدارة المشروعات الخاصة بدرء مخاطر السيول في جدة. سمعة الشركة عالية، والذين يعيشون في المنطقة الشرقية يستوعبون أهميتها وقيمتها في توفير بنى تحتية محترمة، ووفق ما هو مطلوب، خاصة في مسألة الجدول الزمني، الذي تحترمه أرامكو جيداً. لكن المبالغة بالفرح لا يجب أن تغطي على حقائق الأرض، فالشركة لا تملك العصا السحرية للخروج بالمعجزات؛ لأنه لا أحد يضمن تداخل المؤسسات الحكومية المعنية على مسارها. أين ستقف وزارات مثل المالية والمياه والشؤون البلدية، وكذلك أمانة المدينة أمام مشهد أرامكو وهي تحفر الأرض الرخوة؟ ربما، من المفيد سماع الموقف النهائي للمؤسسات الحكومية تجاه دخول أرامكو على الخط، بعد أن تأخرت أوراق المحاسبة في الكارثتين الأولى والثانية، هل ستعينها بعد أن تفسح أمامها الطريق للعمل، أم نعود للفيلم الطويل؛ البيروقراطية وتداخل الصلاحيات، انتظاراً لكارثة ثالثة؟