أمطرت سماء جدة مجددا، أصابتها كارثة أخرى وتكررت المأساة فغرقت جدة في «شبر مية من المطر»، ومصطلح الغرق هنا ليس تعبيرا مجازيا على الإطلاق فجدة غرقت، بكل أسف، وبكل ما تعنيه كلمة الغرق من معان وأوصاف. اليوم لن نتحدث عن أسباب غرق جدة، ولا عن تكرار المأساة ولا عن الخسائر المادية وخسائر الأرواح التي أزهقت بسبب الأمطار التي لم تصرف والتي مازالت تحتبس داخل المدينة رغم توقف المطر منذ عدة أيام، لن نتكلم عن المسؤولين عن غرقها والذين لم يعلن عنهم حتى اليوم رغم مضي فترة طويلة على تحقيقات الكارثة الأولى. سنتكلم عن شابات وشباب جدة الذين تصلنا أسماؤهم وأرقامهم ومواقعهم بين اللحظة والأخرى كمتطوعين، يغطسون ويؤوون وينتشلون أخوتهم وأخواتهم العالقين والمحتجزين في أنحاء مدينتهم التي تعد أجمل مدن المملكة وإحدى أهم مدنها السياحية، المدينة التي تعد البوابة الأولى وواجهة الوطن الرئيسية للحجاج والمعتمرين القادمين من كافة أرجاء العالم. سنتكلم عن شباب وشابات جدة لأنهم يستحقون الثناء، بتكاتفهم وتعاونهم ومحاولاتهم الحثيثة للخروج من الكارثة بأقل قدر من الخسائر. سكان جدة باتوا يدركون اليوم أن رؤية الغيوم في مدينة كمدينتهم يعني فزعا واحتجازا ودمارا سيلحق بممتلكاتهم، وغرقا قد يودي بأرواحهم، لذا هم يعتمدون على بعضهم في الكارثة التي يعيشونها بعد انعدام ثقتهم وثقتنا بالوعود التي تقطع من قبل المسؤولين باحتواء الموقف وبتصحيح الأخطاء السابقة وبعدم تكرر المأساة، نحن كمواطنين لم نعد نصدق هذه الوعود، فلم نجد من اتعظ واحترز بعد كارثة الغرق الأولى تحت طائلة المحاسبة المعلنة، وحتى ذلك الحين ثقتنا بأهل جدة، فتكاتفوا حتى فرج قريب.