محمد بن عبدالله المشوح - عكاظ السعودية المراسلات فن أدبي جميل يحمل معاني اجتماعية وعاطفية فضلا عن سجل توثيقي صادق للعلاقات التي تربط الناس بعضهم ببعض عبر تلك الكتابات. المؤكد أن التقنيات الحديثة وخدمة «الجوال» و«الإيميلات» قد أذابت وأبعدت هذا الفن عن الواجهة. للقارئ أن يعود إلى بعض ما صدر عن تلك المراسلات ليدرك بعمق قيمة تلك المراسلات. كنت قد اطلعت على المراسلات التي كانت ترد بين الدكتور طه حسين رحمه الله والعديد من الأدباء المصريين بل والسعوديين أذكر منهم أحمد عبدالغفور عطار وعبد الفتاح أبو مدين وغيرهما. والكتاب صدر عن دار الكتب المصرية في ثلاثة أجزاء بالإضافة إلى «مسودات» الخطابات التي كان يرسلها لأصدقائه التي أهداها زوج ابنته لدار الكتب المصرية. ولا يقل عنها روعة وأهمية رسائل خفت عليها من الضياع التي أصدرها الشيخ عبد العزيز التويجري رحمه الله . وتضمنت العديد من المراسلات الهامة مع شخصيات أدبية وثقافية واجتماعية وسياسية. كما صدرت العديد من المراسلات لكبار الأدباء والمثقفين أمثال أمين الريحاني والرافعي وغيرهما. كما أصدر الأديب عبد الكريم الجهيمان كتابا تضمن العديد من المراسلات بين عدد من الشخصيات الأدبية والفكرية وأسماه رسائل لها تاريخ. إنني أعتقد أن في إصدار مثل هذه المراسلات خدمة وطنية هامة سيما وأن الأرشيفات الخاصة بالمراسلات لدى العديد من الجهات مثل دارة الملك عبد العزيز ومكتبة الملك فهد الوطنية مليء بأطياف عديدة من تلك المراسلات التي تحكي قصة للوطن في زوايا مختلفة منها الأدبي والفكري والسياسي والاجتماعي. لقد أخبرني الزميل الأخ خالد السليمان أن هناك ثمة مشروعا لإصدار مراسلات المربي عثمان الصالح رحمه الله وهو شخصية اجتماعية وثقافية عالية الاتصال مع النخب الفكرية والاجتماعية، يحمل معه أسلوبا رقراقا وشاعرية ظريفة استطاع من خلال ذلك أن يتم التواصل مع الجميع وهي تحمل صورة أخوية رائعة لما يسود المجتمع ونخبه من تواصل أخوي. ومن لطائف المراسلات اطلعت على رسالة جميلة رقيقة لسماحة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله يهنئ فيه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله من كريمة الشيخ عبد الرحمن الخضير في بريدة 1383ه . ومن لطائف المراسلات ما يتضمنه صندوق الأديب الكبير غازي القصيبي رحمه الله والتي ينتظر الناس من ورثته بشغف شديد وأبنائه أن يتم إخراجها عاجلا وهي تتضمن بلا شك عددا عظيما من هذا الزاد المعرفي والأدبي الكبير. وبمناسبة معرض المخطوطات الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض في دارة الملك عبد العزيز والذي تضمن أرشيفا عظيما للمخطوطات أتمنى أن يحمل معه عناية خاصة لمراسلات المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله مع أبناء شعبه ووطنه في قضاء حوائجهم والسؤال عن حالهم وهو أنموذج رائع للعلاقة الحميمة بين الراعي والرعية والحاكم والمحكوم، وأرجو أن يتم تخصيص معرض خاص عن تلك المراسلات خصوصا وأني أعلم واطلعت على آلاف المراسلات التي كان يتم تداولها آنذاك. كما أن يتم دراستها وترجمة أعلامها والشخصيات الواردة فيها. كل ما أتمناه أن تتعاضد الجهود من قبل الكثيرين والمهتمين من أجل إخراج تلك اللطائف بعفويتها وجماليتها لتضيف إلينا مزيدا من النقاء في حياتنا عن أمواتنا. [email protected]