40 وظيفة يتسابق عليها 4000 مواطن، وهم في الطريق لها اصطاد (ساهر)3560 منهم، كانوا متلهفين أكثر مما ينبغي لكسب المعركة، لم يكن أحد منهم يملك ما يسد به رمق سيارته وبالكاد يحصل على مصروفه من والدته التي تعيش وأبناءها التسعة على راتب الشؤون الاجتماعية، ضاعف (ساهر) الغرامات حتى تجاوزت ما تتقاضاه الأسرة، وحصلت الشركة العملاقة المشغلة لنظام (ساهر) على نسبة تقارب النصف من إجمالي الغرامات والتي قدرتها بعض الشائعات بخمسة وأربعين مليون ريال شهريا، رغم أن كاميرات (ساهر) حسب ما قرأنا كلفت الدولة لا الشركة ملياري ريال، وهذا سبب النقمة على (ساهر) والاعتراض عليه، فلم يعترض أحد على ضبطه لحركة المرور وحفاظه على حياة الناس بل لأنه اختار أن يبدو مشروع جباية ولو لم يكن الواقع كذلك، ووصل الأمر بالبعض من الناقمين إلى الاعتداء على كاميرات (ساهر) في مناطق مختلفة، ففي الرياض لثم مجهولون الكاميرات بالشماغ وآخرون بالطلاء الأبيض وفي القصيم أضرمت النيران، وفي المدينة حادثة اعتداء أخرى. وليس أدل على أن ثمة خللا في آلية عمل (ساهر) من حديث صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس جهاز الاستخبارات العامة الذي قال: « المرور ليس مجرد نظام ساهر بل لديه خدمات أخرى، وحتى نظام ساهر أنا على خلاف مع آلية تطبيقه الحالية حيث أخبرت القائمين عليه بأنه إذا كان القصد من هذا النظام زيادة حصيلة وزارة المالية منه فهذا أمر آخر، أما إن كان الهدف من النظام سلامة المواطن فيجب توضيح موقع الكاميرا أمام السائق على الطريق « . وحديث سموه يركز على الجانب الأهم في رسالة (ساهر) الافتراضية وهي التوعية المرورية، لكن إخفاء الكاميرات ومضاعفة المخالفات ودخول شركة خاصة عملاقة كشريك مستفيد من التطبيق يجعل الناس في حيرة ناقمة على عمل (ساهر) وقد اقترح الزميل الكبير د. علي الموسى في مقالة حول (ساهر) بأن يحول عائد المخالفات لصالح مشاريع تنموية أو خيرية، ومن هذا الباب أقترح جمع أطراف القضية في تصور تكاملي لا تفاضليا، فكون الدولة هي من تكفل بتكلفة ملياري الكاميرات وجهاز المرور هو المشغل الطبيعي لساهر، فالمنطقي أن يكون المشروع وطنيا يحقق أهداف الوطن وأحلام المواطنين، فلم لا تفتتح معاهد للمرور المساند لاحتواء الشباب اللاهث خلف الوظائف ويصب ما تحصله كاميرات (ساهر) كمصدر ممول لميزانية رواتبهم؟. بهذا يصبح ضحايا (ساهر) عاملين فاعلين فيه ويساهم ما يدفعه المواطن من غرامات في حل معضلة البطالة لا ليزداد الضخم ضخامة والعملاق جسامة وليبقى الشباب على الأرصفة وجوالاتهم تئن برسائل (الغرامة) التي لا سبيل لسدادها إلا بالسرقة وارتكاب الجنايات.