يظهر أن باقعة الأسهم قد استطاعت بجدارة أن تخلخل وتشوش قدرة المواطن على التوقعات وقراءة المستقبل في قضاياه التنموية، وخذوا أنموذجاً حياً فيما يتعلق بقضية القضايا للمواطن وهي السكن، فالذي يحدث في قطاع العقار وتضخمه وظهور بعض الأصوات الخافتة هنا وهناك بوجوب توخي الحذر من فقاعة العقار التي ستنفجر لا محالة على غرار فقاعة الأسهم! و(فقاعتين في الرأس توجع) على غرار ضربتين، وما ترتب على ذلك من اضطراب جموع الطبقة الوسطى في شراء أرض العمر بين الإقدام والإحجام، والذي يظهر لي أن بالونة العقار هذه أكثر مرونة من بالونة الأسهم فما زالت تنتفخ وتزداد انتفاخاً، ويظهر أن رئتي من ينفخها لم يزرهما الربو! وبعض الحذرين يترقبون الانفجار، وأظن أنه سيحدث في القريب العاجل لكن في بالونة أحلامنا الوردية! عفواً الرمادية! إن مشكلة الإسكان مشكلة انشطارية، لها تداعيات على ملف الفقر وتفشي الأمراض النفسية وازدياد نسب الجريمة، وفي ظني لها أثر حتى على طبقة الأوزون! إن المؤشرات الإحصائية غير مطمئنة في ظل ما أوردته وزارة الاقتصاد والتخطيط في خطة التنمية الثامنة (2005 2009)، والتي أكدت أنه انخفضت نسبة ملكية السعوديين للمساكن من 65 في المائة في خطة التنمية السادسة لوزارة الاقتصاد والتخطيط إلى 55 في المائة في نهاية خطتها السابعة، كما ارتفعت نسبة متوسط تكلفة إيجار المسكن إلى متوسط دخل الأسرة في المملكة من 26 في المائة خلال خطة التنمية السادسة إلى 30 في المائة خلال خطة التنمية السابعة. وقالت الوزارة في خطتها الثامنة إنه يوجد مواطنون لا تمكنهم إمكاناتهم من تأمين مساكن خاصة بهم، بدءاً من شراء الأرض وانتهاءً بتوفير المبالغ اللازمة لبناء المسكن. ويزداد الأمر صعوبة بحسب الخطة لهذه الشريحة من المواطنين نتيجة استمرار ارتفاع أسعار الأراضي وانخفاض مساحة الأراضي السكنية المتاحة ضمن النطاق العمراني للمدن، إضافة إلى انخفاض حجم المعروض من المساكن الواقعة في متناول القدرات المالية للأفراد. وقدرت دراسة أعدها فريق من جامعة الملك فيصل بدعم من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الطلب على المساكن في كل فترة خمسية إلى عام 1445ه (2025) كما يلي: 512 ألف مسكن في الفترة 1425 1430ه/ 2005 2010. 567 ألف مسكن في الفترة 1430 1435ه/ 2010 2015. 633 ألف مسكن في الفترة 1435 1440ه/ 2015 2020. 710 ألف مسكن في الفترة 1440 1445ه/ 2020 2025. كما بيّنت الدراسة نفسها أن مصادر تمويل بناء المساكن في المملكة كانت كما يلي: 52.8 في المائة من المساكن مولت تمويلا ذاتياً من مدخرات الأسر. 40 في المائة مولت بدعم من صندوق التنمية العقاري. 6 في المائة مولت من القطاع الخاص. 5. في المائة من المساكن القائمة كانت بمساعدات من الأقارب وغيرهم. يظل هاجس السكن الهم المشترك المؤرق للشريحة العظمى من المواطنين، وتظل كل الحلول المطروحة تغرد خارج جذر المشكلة، المشكلة الآن تتمثل في الارتفاع المهول لقيمة الأرض لا سيما في المدن الرئيسة، والأمر اللافت للنظر أن ثمة اجماع على تضخم أسعار هذه الأراضي من الجميع، العقاريين، المحللين، كل العقلاء، ومع ذلك لم يُحرك ساكن في هذا الملف، وكل الحلول المطروحة تدور في فلك الإقراض ليبقى هذا المواطن رهين القرض، سواء كان من صندوق التنمية العقاري وتحالفه المزمع مع البنوك المحلية أو حتى نظام الرهن العقاري، ولعلكم قرأتم ما نشر في صحفنا المحلية من تحذير مجلس الشورى في معرض دراسة نظام الرهن العقاري الذي تتم مناقشته حاليا من استدراج المواطنين البسطاء للتوسع في القروض ما يوقعهم في ديون مستقبلية كبيرة. وأكدوا أنه ينبغي العمل على توعيتهم وترشيدهم بمخاطر التوسع في الديون، وأصبحنا بالفعل بين مطرقة غلاء الأراضي وسندان القروض. إن ملفاً كهذا يجب معالجته على وجه السرعة، ومراعاة مصلحة الشريحة الكبرى دون أي اعتبارات أخرى. أخيرا: أيها الضمير العقاري، أما آن لك أن تستيقظ؟!