أن يقول الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكةالمكرمة بعدم وجود دليل من الكتاب أو السُّنَّة يُحرّم قيادة المرأة للسيارة، فهذا بحد ذاته أمر جيد، لكنه ليس كافيًا. الكل يعلم بعدم وجود دليل من الكتاب والسنّة، يمكن الاستناد إليه لتحريم قيادة المرأة للسيارة. حتى التيار الذي يرى في السماح للمرأة بالقيادة تمكينًا للشيطان، ومدخلاً للشرور، لم يدّعِ يومًا أنه يملك دليلاً من الكتاب أو السنّة على صحة وجهة نظره. الذين يستخدمون موضوع قيادة المرأة للسيارة كفزاعة، ويحاولون ربط الموضوع بمؤامرة للتغريب تستهدف المجتمع، استخدموا وجهة نظرهم القائلة بوجوب قرار النساء في بيوتهنّ.. أي عدم السماح لهنّ بالخروج للحياة العامة ككل، ولم يتحدثوا عن أدلة من الكتاب أو السنّة تحرّم قيادة المرأة للسيارة. هناك إذن ثقافة تمييز ضد المرأة تخلط بين العرف والدِّين، وقضية تحريم قيادة المرأة للسيارة ليست إلاّ إحدى تجليات هذه الثقافة، وليست إلاّ تجسيدًا لهذا الفهم (الخاص جدًا) للدّين، مثلها مثل قضية الكاشيرات، وما شابهها من قضايا. لقد كان الأولى بالشيخ الفاضل أحمد الغامدي أن يتحدث عن عدم وجود أدلة من الكتاب أو السنّة يمكن الاعتماد عليها لتشريع التمييز بين الجنسين. هذه هي المشكلة الحقيقية التي نواجهها، وهذا هو مكمن البلاء وموطن الخطر. لقد آن الأوان لمناقشة مبدأ التمييز الذي لا يستند إلى أدلة قاطعة، أو نصوص تأسيسية غير تلك النصوص التي تتضمن أحكامًا خاصة أو النصوص التي ترتبط بمناسبات معينة. هذا حسب رأيي هو الحل الوحيد للتخلّص من هذه المشكلة التي أعاقت تقدّمنا، وأوقعت بالمرأة ظلمًا كبيرًا اتّخذ منه خصوم الإسلام مدخلاً للهجوم على الدّين والتشكيك فيه. ولعل الجميع يعرف مدى تركيز بعض الجهات الغربية التي تحارب الإسلام على قضية المرأة، باعتبارها الجزء الهش الذي يمكن هدم البناء بالكامل انطلاقًَا منه. كنت أتمنى على الشيخ أحمد الغامدي أن يناقش جذور المشكلة بدلاً من نقاش الأعراض الظاهرة على السطح فقط. ولو قدم شيخنا الفاضل الآيات الواردة في القرآن الكريم التي تفيد بعدم إقرار الإسلام لمبدأ التمييز، لكان ذلك أجدى بكثير من وجهة نظري. التمييز ضد المرأة هو الأساس.