خالد قماش - عكاظ السعودية أمسك بيده وهو خارج للتو من المسجد مسلما عليه وهو يبادره بوصايا دينية مكرورة ومحفوظة، كان ينتقده قائلا: (يا خي ما يصلح توقف أمام الله وأنت لا بس لبس رياضي، لازم تلبس ثوب وشماغ أو طاقية على الأقل؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: خذوا زينتكم عند كل مسجد)! كان صديقي اللدود يحكي لي هذا المشهد الذي يتكرر عشرات المرات في أماكن متفرقة ومتشابهة، سألته: وماذا قلت له؟!، قال: لا شيء .. سوى أني شكرت الرجل الذي نصحني، وعلمني بما كنت أجهله! وقد كنت متكئا فجلست وقلت له يا صديقي اللدود: أنا لست عالما شرعيا ولا مفتيا دينيا، رغم كثرتهم ووفرة فتاواهم الغريبة هذه الأيام، ولكن الكثير من النصوص الشرعية التي يستخدمها هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على الناس، ووكلاء الله في أرضه، بعضها نصوص نزلت في أقوام سخط الله عليهم، قتلوا الأنبياء واستباحوا الحرمات وعبدوا العجل من دون الله، كقوم بني اسرائيل وقوم فرعون، ثم يسقطونها على خير أمة أخرجت للناس .. والشواهد الأخرى كثيرة .. تخيل يا صديقي؟! أما بخصوص آية (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)، فقد دلت كل التفاسير المعروفة كتفسير الجلالين والقرطبي وغيرها على أنها نزلت على نساء كن يطفن بالبيت شبه عرايا! وقد أجمع المفسرون على أن الزينة هنا تدل على الستر، ستر العورة في الصلاة، وليس لبس زي معين لكي تقبل الصلاة! وعلى قياسك شيخك المحتسب يا صديقي قد لا تقبل صلاة أخواننا النجلاديشيين؛ لأن لباسهم مركب، فوطة مفرغة وقميص رياضي! تساءل صديقي اللدود بخبث قائلا: ولكنك تلبس أجمل الثياب عندما تنوي لقاء مسؤول أو شخص له جاه ومنصب، أليس الله تعالى أولى بهذه الزينة؟! قلت: بلى والذي نفسي بيده، ولكن الله لا ينظر إلى أشكالكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم، بينما المسؤول لا ينظر إلا إلى صورتك وشكلك وكلامك المنمق، ثم أنك تذهب إلى مكان روحاني تتجرد فيه من ذاتيتك وتتخلى أمامه عن كل شكلانياتك، وتتطهر من زيفك ودجلك! وهذا يا صديقي يجرنا إلى أن معظم هؤلاء يحكمون على الناس من مناظرهم لا مخابرهم، وسأحكي لك قصة طريفة حدثت لي في أحد المساجد والتي تؤكد مدى السطحية التي تتمتع بها هذه الفئة من البشر، ولكن في لقاء قادم يا صديقي، ويكفي!