في وقت كان ينتظر الإيرانيون أن يأتيهم الفرج من ضائقتهم السياسية والاقتصادية هبطت عليهم السيدة لورين شقيقة زوجة توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، عدو إيران اللدود، معلنة إسلامها. فالأخت لورين أعلنت تحولها إلى الإسلام وزارت مدينة قم الدينية الإيرانية، وبعد أقل من ستة أسابيع من معرفتها بالدين الإسلامي أصبحت متحدثة ومدافعة وفيلسوفة في شؤونه، وهي أكملت - كما تقول - ستين صفحة من قراءة القرآن. ومع أن اعتناقها الإسلام أمر شخصي لا يحق لأحد أن يعترض عليه، إلا أن ما يستوجب الاعتراض أن قريبة بلير هذه تبدو متحمسة جدا لنظام طهران أكثر من الإيرانيين أنفسهم، ربما تأثرا بالمناخ الذي تعيشه؛ حيث تعمل في محطة «برس تي في» المملوكة للحكومة الإيرانية في لندن، التي تذيع باللغة الإنجليزية. وقد عبرت لورين عن تأثرها بما رأته في إيران، وادعت أن الناس هناك متحمسون لتحمل الجوع والحصار تضامنا مع الشعب الفلسطيني! طبعا نتفهم أن تصبح شيعية، فهذه قناعة شخصية، لكن أن تتحول إلى متحدثة باسم الشعب الإيراني، وخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، فلتسمح لنا أن نختلف معها. ثلاثة ملايين إيراني تظاهروا قبل عام ونصف العام ضد أحمدي نجاد، وسياسته، وتزوير الانتخابات، وتم قمعهم، لتأتي شقيقة زوجة بلير تحاضر علينا كيف أن الإيرانيين متحمسون لتحمل العقوبات تضامنا مع الفلسطينيين، ولا علاقة للفلسطينيين بمعاناة أهل إيران. توني بلير لا يستطيع أن يحاضر على أخت زوجته؛ لأنه نفسه أعلن اعتناقه الكاثوليكية بعد أيام من خروجه من رئاسة الوزراء؛ حيث كان قبل ذلك بروتستانتي المذهب، مثل معظم الإنجليز. والتحول من مذهب إلى آخر في المسيحية لا يقل إشكالا عن التحول بين الشيعية والسنية في الإسلام، له حساسيته وإشكالاته الاجتماعية. إذن، لورين ليست المتمردة الأولى في العائلة، بل زوج أختها أيضا، كما أن أختها شيري، زوجة بلير، محامية بارزة في الدفاع عن حقوق الإنسان في المحاكم البريطانية وقد ترافعت عن قضايا لمسلمين في بريطانيا. وقد قوبل إسلام لورين من الإعلام البريطاني بين الاستغراب والسخرية. ومن الطبيعي أن ترتفع حساسية البريطانيين الذين ضاقوا ذرعا بأخبار المسلمين المتطرفين الذين يستمتع إعلام الصحف الصفراء بترديد أقوالهم وإساءاتهم للمجتمع البريطاني. فقد صار المسلمون السيئون يملأون الصحف المحلية بأخبارهم السلبية، بالتحريض، وتأييد تنظيم القاعدة، واستفزاز رموز البلاد مثل دعوة ملكة بريطانيا لاعتناق الإسلام، أو حتى توجيه الإهانات علانية كما قال أحدهم إن بريطانيا له مجرد بلد مؤقت للحاجة، مثل دورة المياه. ولسوء حظ المسلمين أن لورين، التي صارت محل الاهتمام بسبب إسلامها، ليست امرأة ذات أهلية للدافع عن الإسلام، أو صاحبة سجل حافل يحترمه المجتمع حتى يقتنع بها وبما تتحدث عنه. بل هي امرأة بسيطة أعجبت بالإسلام من خلال محيطها الذي عاشت فيه في المحطة الإيرانية وصارت مبهورة بما يفعله أسوأ نظام في العالم الإسلامي، أي الإيراني، تدافع عنه وعن مواقفه! لكن من سماحة بريطانيا أنها تؤمن بالقول: «دع الخلق للخالق»، فمن أراد أن يستنكر على أخت زوجة بلير إسلامها هو حر في ذلك، لكن لا أحد يستطيع منعها أو تكفيرها.