د. عبد العزيز بن عبد الله الخضيري - الاقتصادية السعودية أقف ويقف كل إنسان عاقل ومنصف موقف الألم والحرقة والحزن على قدرة بعض الأشخاص بغض النظر عن مواقعهم ومسؤولياتهم على فبركة الحقائق وطمس الجهود ومحاولة إبرازها بشيء من الاستهتار والاستهزاء والتشكيك في العطاء وقذف الأبرياء بالتهم، كل هذا الإحساس في الألم والحزن جاء بعد استمرار اطلاعي على بعض ما كتب في صحافتنا ونشر على مواقع الإنترنت من تعليقات ساخرة وتهميش لجهود رجال مخلصين يعملون الليل والنهار من أجل خدمة ضيوف الرحمن وتقديم كل ما يستطيعون من جهد ووقت وصحة ومال ويقف بالتوجيه والدعم والرأي والمشورة قيادة هذا البلد العظيم، هذه التعليقات والسخرية والتشكيك في ذممهم جاءت بناء على ما ذكر عن قطار المشاعر المقدسة. إن أغلب ما كتب قد جانب الصواب ونقل صورة سوداوية عن المشروع ودوره وعمله ونظامه وتكاليفه، كما أن أغلب من كتب وعلق وأبدى رأيا لم يطلع على المشروع ويعرف حقيقته، وقبل أن أخوض في إيضاح بعض الافتراءات التي تعرض لها المشروع والقائمين عليه دعوني أعود بالذاكرة قليلاً وأُذكّر من يخشى الله سبحانه وتعالى ويأمل أن يلقاه بقلب نقي وضمير مرتاح. هل تذكرون مشروع جسر الجمرات ""مشعر الجمرات"" أو ما يحب أن يسميه الدكتور الحبيب حبيب زين العابدين منشأة الجمرات؟ وكيف أنه تعرض لكثير من النقد والاستهتار والتسفيه ثم ها هو يقف شامخاً ليقول للمستهترين قفوا وأعيدوا موقفكم من المشروع بعد انتهائه وكيف أنه ساعد بعد توفيق الله سبحانه وتعالى ثم جهود المخلصين على جعل مشكلة رمي الجمرات شيئا من الماضي بل إنه حول المشكلات إلى رحلة ترفيه وتصوير مع الشيطان، كما سبق أن ذكرت ذلك، حيث اختفت الاختناقات البشرية التي أدت إلى الموت الجماعي، وكيف أن الحجاج اليوم يقومون برجم الجمرات بكل يسر وسهولة وكأنهم في رحلة سياحية مستخدمين سيارات القولف وغيرها من وسائل النقل ، علما أن المنشأة لم تنته بعد ويجري استكمال بعض أجزائها مثل تظليل وتوفير بعض الخدمات التي تساعد على أداء الشعيرة بكل يسر وسهولة. إن إنجاز مشروع مشعر الجمرات خير دليل على أننا نستعجل الحكم على الأشياء دون الانتظار لنتائجها وما يمكن أن تحققه ثم إيضاح وجهات نظرنا بناء على معلومات دقيقة ومعايشة للمشروع أو الحدث حتى يكون الحكم عليه برؤية ومعلومة واضحة. الحقيقة التي لا مفر منها أن أكبر مشكلة تواجه بعض كتاب الأعمدة أنهم يملكون مساحة تبحث عن قضية وليست قضية تبحث عن مساحة ولهذا فإنهم دائماً متوثبون لالتقاط أي خبر والتعليق عليه، وحتى يكون للمقال الوقع المطلوب والقراءة الأكثر لا بد أن ينحا منحى الهجوم على الجهود والتقليل من قيمة العطاء لكسب رضا الأقل إدراكا والأكثر ضجيجا، وكما سبق أن أوضحت في مقال سابق بعنوان ""المقال بين المساحة والقضية"" ورجوت فيه نفسي وجميع زملائي ممن وفقهم الله واختصهم بفرصة الكتابة في صحافتنا السعودية العزيزة أن تكون كتاباتنا نحو البناء والتنمية وليس نحو الهدم والتدمير، كما أن من يعمل ويكثر العمل لا بد أن يخطئ وأن خطأه إذا لم يكن لمصلحة خاصة أو للإضرار بالآخرين بقصد فيجب عدم استغلال ذلك وإضعافه ومنعه من العمل ولعلنا نذكر جميعاً نظرية لا تعمل حتى لا تخطئ ثم لا تحاسب وكيف أنها سبب تخلفنا، ولي عودة إلى هذا الموضوع. قطار المشاعر مشروع حيوي مهم لخدمة ضيوف الرحمن ودعم منظومة النقل في الحج وفقاً لمعايير عالمية وبما يتفق ومتطلبات الحجاج وظروف وأسلوب النقل القصير والسريع بين المشاعر المقدسة وتمكين الحجاج من أداء شعائرهم بكل يسر وسهولة، خصوصاً وأن موسم الحج سيكون في أشهر الصيف خلال الأعوام المقبلة مما يتطلب استخدام وسائل نقل سريعة ومريحة وفاعلة وقادرة على تحمل الاستعمال الكثيف وربما سوء الاستعمال من بعض الحجاج ،الذين نرى بعض تصرفاتهم في المنشآت الموجودة في المشاعر المقدسة، كما أن قطار المشاعر يأتي ضمن منظومة نقل تسعى الحكومة إلى جعلها منظومة متكاملة تشمل القطارات والباصات الكبيرة ""نظام الترددية"" وغيرها من وسائل النقل التي لا تخنق المساحة المحدودة في المشاعر ولا تضايق المشاة فيها. أخيراً دعونا ننظر للصورة الكاملة والمتكاملة لما يجب أن تكون عليه منظومة تنمية مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة ،التي عرضها واستعرضها الأمير خالد الفيصل والتي تركز على بناء الإنسان وتنمية المكان من خلال تحقيق التوازن بين التنمية العمرانية وتطوير الأنظمة وتعزيز دور الإدارة الفاعلة وتأكيد المشاركة المجتمعية بما يخدم توجهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز نحو مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة وتعزز مزيد من الخدمات الإنسانية والمكانية المتطورة لضيوف الرحمن، بارك الله في الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح. وقفة تامل: ""إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا بيض صنائعنا سود وقائعنا خضر مرابعنا حمر مواضينا أن تبتدر غاية يوما لمكرمة تلقى السوابق منا والمصلينا لا يظهر العجز منا دون نيل منى ولو رأينا المنايا في أمانيا"".