انتقلوا يا مسلمين من هذه الممارسات المرتجلة إلى بناء مستقبل واعد للمرأة لماذا لا يرتقي المسلمون بأسلوب احتجاجهم في الدفاع عن كرامة السيدة عائشة زوجة الرسول (صلى الله عليه وسلم)؟ لماذا لا تتحول المناسبة الى الدفاع عن ملايين النساء في العالم العربي والاسلامي، وعن عشرات الآلاف ممن يحملن اسم «عائشة» من عربيات ومسلمات؟ هل الدفاع عن السيدة عائشة يتحقق بتفجير الخلافات المذهبية وربما تهيئة الجو للاعتداء والتفجير في بعض البلدان ضد اتباع المذاهب الاخرى، أم ان هذه المناسبة قد تكون خير بداية لتسليط الاضواء على واقع المرأة الممسلمة الشابة بالذات في عشرات المجتمعات الاسلامية؟ هناك مثلا «عائشة الافغانية» التي وضعت «مجلة التايم» صورتها المشوهة على غلافها بعد ان قام اهلها بجدع انفها، وتعاون في ذلك الأب والأخ؟ ثمة كذلك حرب لا رحمة فيها تشنها «جماعة طالبان» على مدارس البنات حيث تقول التقارير ان العشرات من هذه المدارس قد تعرضت للقصف ولمحاولات الحرق، في اطار الحرب التي يشنها مقاتلو طالبان المعارضون لتعليم البنات، بل وكذلك وجه المقاتلون انفسهم تهديدات الى عائلات افغانية بالضرب والقتل، اذا لم تتوقف عن ارسال بناتها للمدارس. لماذا لا يكترث المسلمون بالزواج السياحي وتزويج القاصرات والأطفال والأمهات المطلقات ولم يبلغن سن الرشد، في دول عربية واسلامية عديدة؟ نساء العالم الاسلامي في فقر مدقع وبؤس شامل وتعاسة متحكمة، بينما لا يتحرك العالم الاسلامي الا بسبب مقال أو خطاب، أو حجاب أو نقاب، ولا يلتفت غالبا الى المرأة المسلمة في بريطانيا وألمانيا ونيويورك وباريس! كل المسلمين يتباهون بحقوق المرأة في الاسلام! كلهم يقولون ان حقوقها اوسع واشمل من حقوق المرأة في المسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية والزردشتية والبهائية.. وكل دين! لماذا لا يحاول المسلمون التحرك للبرهنة على واقعية هذا الكلام واثباته، وتشجيع مجتمعات العالم الاسلامي على التحول والتبدل، وعلى الاهتمام بالفتاة القاصر والمرأة البالغة و«السيدة المسلمة»، المحرومة في مجتمعات اسلامية كثيرة من طعم السيادة! قامت قيامة المسلمين دفاعا عن حجاب سيدة تركية في البرلمان، وعن حقوق الفرنسيات المسلمات بالحجاب والنقاب، وعن جريمة قتل السيدة مروة الشربيني في محاكم ألمانيا على يد قاتل، وسارت المسيرات الصاخبة ولا تزال دفاعا عن «شرف» و«كرامة» المرأة المسلمة! ولكن الكل يعرف ان هذه المسيرات كلها بوازع حزبي، ولأهداف يروج لها الاسلام السياسي، ويزعزع بها الانظمة القائمة. والكل يعرف ان جماعات الاسلام السياسي في كل العالم الاسلامي لم تعلن غضبها مثلا على جماعة طالبان، ولم تطرح برنامجا علنيا طموحا «لتحرير المرأة المسلمة» من كل هذه الاوضاع المزرية، بل على العكس، نجحت نجاحا ساحقا في سلب المرأة العربية والمسلمة من كل ما نالت من حقوق وحريات، ولا تزال هذه الجماعات تطارد المرأة المتعلمة، والمرأة العاملة، والمرأة التي ترفض ان تكون اداة طيعة بيدها! انتقلوا يا كويتيين، يا عرب، يا مسلمين، من هذه الممارسات الوقتية الآنية المتعصبة المرتجلة الى بناء مستقبل حقيقي واعد.. للمرأة! انقذوا مليون عائشة لا تزال معذبة مهانة وهي على قيد الحياة!