لا شك أن أعيادنا تتجلى فيها الكثير من المعاني الاجتماعية والإنسانية، ففي العيد تبذل الصدقات ومساعدة الضعفاء والمحتاجين، والتوسع في أعمال الخير وصلة الأرحام والتراحم والتعاون والتكافل، وإخراج زكاة الفطر لتتقارب القلوب على الود ويجتمع الناس بعد افتراق، وتشمل الفرحة كل أسرة وكل بيت. والعيد فرح وسرور وتعاون وتكافل وتراحم، ولكن الأعياد في أيامنا هذه أصبحت للأسف الشديد مظهراً من مظاهر التنافس والتفاخر بين الناس في الطعام واللباس واستئجار القصور والاستراحات بأسعار باهظة الثمن لإقامة مناسبة العيد فيها، حتى اتسمت حياة الكثيرين منهم بالتكلف في ولائمهم، وأصبحت كل أسرة همها أن يرى الغير ترفها وقدراتها المالية وتفاخرها حتى ولو على حساب المديونية. وفي ظل ارتفاع الأسعار وتصاعد مؤشر التضخم، يفترض التعامل مع احتياجات العيد بشكل مختلف بحيث نراجع سلوكياتنا وعاداتنا الاستهلاكية، ونعيد ترتيب الأولويات من جديد، ومن المفيد التعامل مع احتياجات العيد بإعداد ميزانية جماعية يشارك فيها جميع أفراد العائلة، بحيث تكون المصروفات واقعية وفي حدود المعقول، وبذلك نوفق بين الاستهلاك والدخل، ومن جهة أخرى نتمكن من ادخار المال والاستعداد المسبق للعيد بوقت كاف. أخيرا على وزارة التجارة وهيئة حماية المستهلك ضبط الأسعار وتوفير نقاط لبيع مستلزمات العيد في جميع إنحاء البلاد عبر إقامة المجمعات الاستهلاكية المؤقتة والأسواق الشعبية أسوة بدول العالم الأخرى، وذلك لتشجيع المواطنين على الشراء بأسعار معتدلة تناسب الأسر وتناسب جميع فئات المجتمع، ويفترض تحديد وترتيب الأولويات وتوزيع النفقات حسب الأهمية والضرورة على مدار العام، وعدم الصرف دون حساب، والتحلي بالقناعة وضبط النفقات والعمل على إلغاء عادات التفاخر والبذخ عن طريق الاستدانة، وتنمية الوعي الفكري والاجتماعي لدى بعض الأسر حتى لا تقع الأسرة في موقف حرج وصعب عند قدوم مناسبة العيد، وكل عام وأنتم بخير. *عضو جمعية الاقتصاد السعودية