كأن بعض الناس تصيبهم حالة إنسانية وروحية غير عادية في كل عام، نتمنى أن تكون دائمة وليست مرتبطة بشهر رمضان الفضيل، لكن ما هو سلبي في هذه الروحانيات أن هذا الشهر خصص للعبادة وصلة الرحم، وليس شهرا للأكل وللهدر والتبذير، ولعل من يشاهد كيف تقبل الناس على الشراء، وعلى الانفاق، يتأكد له أننا شعب لا يحترم ما يملك.. فالله سبحانه وتعالى جعل هذه الثروة أمانة بين أيدينا، وطلب إلينا عدم الإسراف والتبذير وعدم التقتير، وأيضا مساعدة الناس والأقربون أولى بالمعروف. وفي الجانب الآخر يخطط بعض التجار إلى كيفية استغلال هذا الشهر استغلالا غير عادي، حيث يقومون برفع الأسعار، واحتكار السلع والتحكم بها، فيما يقوم الإعلام بدور تعبوي دعائي يقود الناس إلى الناحية الاستهلاكية، ولكن ما نحن بصدده هو الاستهلاك المفرط وغير المدروس، والتبذير ورمي الأرز واللحوم في حاويات الزبالة في وقت نحتاج فيه إلى كثير من الورع وكثير من الإدارة لإمكاناتنا ومقدراتنا وحياتنا. وعليه فمن المفيد التعامل مع احتياجات رمضان بإعداد ميزانية جماعية يشارك فيها جميع أفراد العائلة، بحيث تكون المصروفات واقعية وفي حدود المعقول وبذلك نوفق بين الاستهلاك والدخل، ومن جهة أخرى نتمكن من ادخار المال والاستعداد المسبق لشهر رمضان والعيد أيضا بوقت كافٍ في ظل ارتفاع الأسعار وتصاعد مؤشر التضخم، ويفترض التعامل مع احتياجات رمضان بشكل مختلف بحيث نراجع سلوكياتنا وعاداتنا الاستهلاكية، ونعيد ترتيب الأولويات من جديد. لكن عندما تصبح الأمور في عداد الفوضى ويغيب القانون ولا توجد سلطة تقوم بتطبيقه أو مراقبته، ويحلو لكل تاجر أن يضع القانون الذي يناسبه وبما يخدم مصالحه، ويتم من خلاله رفع ومضاعفة أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان المبارك، الذي أصبح فرصة عظيمة لبعض التجار لرفع الأسعار كيف ما يشاء ويستغل قدوم هذا الشهر الكريم يهدف الربح السريع وغير المشروع وغير المعقول وبأضعاف مضاعفة، حيث إن ارتفاع الأسعار لا يشمل فقط المواد الغذائية وإنما يشمل المواد الاستهلاكية الأخرى في ظل غياب الرقابة القانونية وضبط الأسعار دون أن يدركوا أن أعمالهم تسئ للوطن والمواطن. لذا يفترض تحديد وترتيب الأولويات وتوزيع النفقات حسب الأهمية والضرورة على مدار العام, وعدم الصرف دون حساب، والتحلي بالقناعة وضبط النفقات والعمل على إلغاء عادات التفاخر والبذخ عن طريق الاستدانة, وتنمية الوعي الفكري والاجتماعي لدى بعض الأسر حتى لا تقع الأسرة في موقف حرج وصعب عند قدوم الشهر المبارك، التي لا تفيد فيها الحلول ألعاجلة، حيث إن التنظيم مسألة أساسية دائماً تحتاج إلى مزيد من الرقابة والمسؤولية حتى لا تصبح الأمور فوضى. وعلى وزارة التجارة وهيئة حماية المستهلك ضبط الأسعار وتوفير نقاط لبيع مستلزمات شهر رمضان في جميع أنحاء البلاد عبر إقامة المجمعات الاستهلاكية المؤقتة والأسواق الشعبية، وذلك لتشجيع المواطنين علي الشراء بأسعار معتدلة تناسب جميع فئات المجتمع، كما أن الأمر يحتاج إلى قرار عاجل من صناع القرار برؤية شاملة لإسناد معالجة ارتفاع الأسعار ومشكلة التضخم إلى قطاعات وزارة التجارة والبلديات، وهيئة حماية المستهلك لمراقبة وضبط الأسعار لجميع السلع، بحيث تكون هناك فرق اقتصادية ومالية متخصصة ومحترفة للسيطرة على التضخم وكبح جماحه، والحد من تأثيراته الاجتماعية، وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على أي مصلحة كانت وذلك استجابة لنداء خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله - الذي طالب فيه الجميع بالاهتمام بالمواطن ومحاسبة المسئول!!. [email protected] مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية