في محافظة العُلا المجاورة لمدائن صالح، أخبرني مزارعُ بسيطٌ أنه تُسمع حولها أحياناً صيحاتٌ غريبة، وفسّرها بأنها إمّا صيحات قوم صالح (عليه السلام) وهم يُعذًّبون لكُفْرِهم وعَقْرِهم الناقة، أو هي صيحات فصيل الناقة المعقورة الذي صعد إلى جبلٍ فلحقه القوم، لكنّ الجبل تطاول له بقدرة الله، فنجا منهم، وما استطاعوا إليه سبيلا!. أنا شخصياً لم أسمع الصيحات، وأجزم أنها أوهام تُراود الناس من عبق التاريخ الذي يكاد ينطق ويروي ما جرى في وُديان المحافظة وجبالها العجيبة!. والذي سمعته بأذني، بل ورأيته بأمّ عيني، وهو غريب، هو أنّ مدائن صالح منطقة عذاب، وقد أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بسرعة المرور فيها، وكانت تبعد عن العُلا حوالى (22) كيلا لناحية الشمال، أمّا الآن فالأحياء السكنية لمحدودي الدخل لا تبعد عنها سوى بضعة كيلومترات، وأخشى أن تلاصقها قريباً، فلماذا إدناء الناس منها رغم توفر أراض شاسعة في الجهات الأخرى؟!. والأغرب من ذلك هو عدم تغذية العُلا بمياه البحر المُحلاّة، واعتمادها على المياه الجوفية، بما فيها من نسبة ملوحة قد تتجاوز المعايير المسموح بها، وبما يُهدرها أسوة بمثيلاتها في مناطقنا المختلفة، وهناك من أهل العُلا من لا يشرب منها إطلاقاً، ويتساءل: من يضمن لي أنها غير مخلوطة بالمياه الجوفية الموجودة في باطن الأرض في منطقة العذاب؟ وهو مُحقّ في تساؤله، فمتى نرى محطّة تحلية تُغذّي العُلا من أقرب السواحل إليها، ألا وهو ساحل محافظة الوجه المجاورة؟!. هل يسمع مسؤولو المياه والتحلية والبلديات ما سمعته؟ حتماً سيسمعونه، وأتمنى ألاّ يعاملوه كأوهام مثل الصيحات الغريبة، فربّ أوهامٍ كانت حقيقة!.