دول الغرب تسعى واحدة تلو الأخرى الى كشف سترنا، وفضح وجوه نسائنا، والعبث بتراثنا. حظر النقاب دخل حيز التنفيذ في استراليا، والبقية على الطريق. السفير السعودي في أستراليا ناشد نساء سعوديات تجنّب الأماكن التي قد تسبب المشاكل، وطلب منهن اصطحاب محرم، و التحرك ضمن مجموعة نسائية لا تقل عن ثلاث حرصاً على سلامتهن. الدول العربية بدأت تخوض حرباً مضادة لكشف ستر الغربيين. دولنا تطالب بفضح سرية «بلاك بيري»، والحصول على حق مراقبة الصندوق الأسود. والتلصص على رسائل الناس، ومن يراسل من، وماذا يقول الناس لبعضهم. حرب الخصوصية اشتعلت. هم ينظرون الى خصوصيتنا على أنها شكل من أشكال التخلف. ونحن نعتقد أن خصوصيتهم تساعد على نشر الفساد والخراب، وتخل بالأمن. الطريف أنهم يحاربون خصوصية وجوه نسائنا باعتبارها محرضاً على التطرف والإرهاب، ونحن نحارب تقنيتهم الجديدة بالشعار ذاته، ونحاول عرقلة تقدمها. من قال إننا لا نخوض حرباً حضارية مع الغرب؟ الحرب التي يخوضها تنظيم «القاعدة» هي أحد أشكال الصراع مع الغرب. لكنه صراع طارئ ومتطرف. الصراع الحقيقي بدأ في ساحات أخرى. الحرب الجديدة بدأت باسم النقاب، والبرقع، و «البلاك بيري» و «الاي باد» و «الاي فون». هذه ساحات الصراع الحقيقي. وهي معارك تنفذها الحكومات عندنا وعندهم. إنها حرب حقيقية، وإنْ لم تسمّ كذلك. المثير أن الحكومات العربية التي بدأت تصارع الغرب، حكومات رأسمالية ومعتدلة، وصديقة للغرب. الحكومات التي ترفع لواء الحرب الجديدة ليست من محور الشر. لكن، هل ستتطور هذه الحرب وتدخل الى مراحل معقدة وخطرة؟ الأكيد أننا وصلنا مع الغرب الى منطقة، لا بد مما ليس منه بد. لم يعد هناك خيار آخر. لكن الذي خفف معارك الساحات الراهنة، أن النقاب اصبح جزءاً من حفلة التطرف والإرهاب. ومعركة «البلاك بيري» وبقية الأجهزة تأثرت بالأوضاع الاقتصادية في الدول الغربية. لكن هذه الظروف ستتغير، وستأخذ هذه الحرب شكلاً أوضح وأخطر. سيصبح القابض على موقفه، مثل القابض على الجمر.